أبوها عمران كان حبراً من أحبار اليهود الصالحين. وأمها حنة بنت فاقوز. ومريم في العبرية تعني خادمة الرب. وقد ذكرت في القرآن أكثر من ثلاثين مرة. وهي المرأة الوحيدة التي توجد في القرآن سورة باسمها. وقد أثني عليها الرسول بقوله: "كمل من الرجال كثير. ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون. ومريم بنت عمران" وقد كان ميلادها معجزة كبيرة. لأنها جاءت من أب بلغ أكثر من تسعين عاماً. ومن أم عاقر عمرها أكثر من ثمانين عاماً. ولقد فعل الله ذلك علي عكس ما اعتاده اليهود من المادية الغليظة. فكانت معجزة ولادتها تمهيداً لمعجزة سيدنا عيسي الذي ستلده من غير أب. وهي استجابة من الله لدعوة أمها حينما رأت طائراً يزق طائراً صغيراً "أي يطعمه" فاشتهت الولد. فدعت ربها بالذرية. فحملت في مريم. ووهبتها لخدمة بيت المقدس "فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا" فكان كلما دخل زكريا عليها المحراب "وهو زوج خالتها" وجد عندها فاكهة الصيف في الشتا ء. وفاكهة الشتاء في الصيف. فتعجب وقال لها: "يا مريم أني لك هذا"؟ فقالت: "هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب" ولقد ابتليت السيدة مريم بلاءً عظيماً لم تبتلي امرأة بمثله قط. فقد حملت بدون رجل. ولكن وراء كل محنة منحة. فلقد حملت في رسول عظيم. وهو عيسي -علي نبينا وعليه الصلاة والسلام- وجعلها الله سيدة نساء العالمين. فقد نادتها الملائكة قائلة: "يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين "42" يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين" ثم جاءتها البشري العظيمة "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين "45" ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين" فتعجبت وقالت: "رب أني يكون لي ولد ولم يمسسني بشر"؟ فجاء الرد ساطعاً: "قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضي أمراً فإنما يقول له كن فيكون" ولكن يا تري ماذا ستفعل هذه السيدة البتول التي كانت إذا أصابها الحيض ابتعدت عن بيت المقدس فجلست في خيمة بعيدة عن الناس حتي تتطهر؟ "واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً "16" فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا "17" قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً" فلقد أرسل الله إليها جبريل علي هيئة بشر. بعد أن طهرت من الحيض في هذا المكان الشرقي من بيت المقدس. فلما رأت هذا الرجل خافت واستعاذت بالله منه. فرد عليها قائلاً: "إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً" فتساءلت "أني يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أكُ بغياً"؟ فأجابها: "قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً" ومرت فترة حملها. ثم جاءتها آلام الولادة "فأجاءها المخاض إلي جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً" ثم جاءت معجزة أخري تهون عليها مصيبة الحمل بغير رجل "فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً "24" وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً "25" فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً" ثم حملت ولدها وذهبت إلي قومها. فاستهزءوا بها "فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً "27" يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء وما كانت أمك بغياً" فأشارت إلي ولدها "فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً" فجاءت المفاجئة والمعجزة الكبري علي لسان هذا الرضيع المبارك "قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبياً "30" وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً "31" وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً "32" والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً".