حضرت إلي الجريدة برفقة زوجها الذي لم تعد قادرة علي التحرك بدونه. وأصبح كل أملها أن تجد من يسمع صرختها بعد أن بح صوتها علي مدار أربع سنوات. ولم تجد من يسمعها.. اسمي فاطمة محمد إدريس.. عمري 26 سنة. تزوجت من حوالي خمس سنوات. وكنت مقبلة علي الدنيا بكل حب وتفاؤل. وكم كانت فرحتي وزوجي عندما زف إلينا الطبيب البشري بأنني حامل في شهوري الأولي. فظللنا نترقب مولودنا الأول. أحلم باليوم الذي نستقبله. أتخيل ملامحه.. وبينما كنت في الشهر الرابع من الحمل سقطت علي رأسي وحدث تجمع دموي بسيط بجوار العين اليسري. وتقرر لي تدخل جراحي سريع. وقبل أن أدخل غرفة العمليات تأكدت من الطبيب المختص أن البنج لن يؤثر علي الحمل ولا يوجد به خطورة علي حالتي. خرجت من العملية فاقدة البصر بالعينين. وظننت أنها حالة مؤقتة وستزول. خاصة أن الطبيب ظل يطمئنني وانتظرت أن تتحسن حالتي. وأستعيد بصري. ولو بشكل تدريجي. بلا فائدة. أخدت أتردد علي الطبيب الذي أجري لي الجراحة. وفي كل مرة يقرر لي علاجاً جديداً.. فعرضت نفسي علي طبيب آخر. وكانت الصدمة. حدوث مشاكل بالعصب البصري نتيجة جرعة بنج زائدة. حررت محضراً بالواقعة وشكوت لكل المسئولين فلم أجد من ينصفني ويأخذ حقي من الطبيب الذي دمر حياتي. سلمت أمري لله ووقف زوجي بجواري وحاول أن يوفر لي حياة طبيعية يعوضني عن بصري. خاصة بعد أن رزقنا الله بثلاثة أبناء. ولكني لم أستطع تحمل الظلام. أتعذب في كل لحظة أسمع فيها صوت أولادي. ولا أعرف ملامحهم. فعدت أبحث عن علاج حتي ظهرت لي بارقة أمل جديدة. فقد راسلنا أكثر من مستشفي بأنحاء العالم عن طريق طبيب متخصص وعلمت أنني يمكنني أن أسترد البصر بإذن الله بعد إجراء عملية تركيب شريحة إلكترونية للشبكية. تلك الجراحة التي تتم بألمانيا أو السعودية. تعلق أملي بأن يصل صوتي إلي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. لعله يوافق علي إجراء الجراحة المقررة لي بالسعودية. تقديراً لظروفي. فزوجي سائق حر ليس له دخل ثابت. وبعنا كل ما نملك علي رحلة علاجي السابقة.