بيروت "رويترز": تتعالي التحذيرات من مجاعة واسعة النطاق في الوقت الذي تحاصر فيه قوات موالية للحكومة مدينة تحت سيطرة المعارضة في سوريا وتشتد فيه وطأة الشتاء ليزداد سواد التوقعات القاتمة أصلا لمحادثات السلام التي تأمل الأممالمتحدة عقدها هذا الشهر. وقد أصبح حصار مضايا قرب الحدود مع لبنان قضية محورية لقيادات المعارضة السورية التي أبلغت مبعوثا للأمم المتحدة هذا الأسبوع أنها لن تشارك في المحادثات مع الحكومة حتي يرفع الحصار عن هذه المدينة وغيرها من المدن المحاصرة. ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عشرة أشخاص علي الأقل ماتوا من الجوع في مضايا في الأسابيع الستة الأخيرة. ويقول نشطاء في المعارضة إن عدد الموتي بالعشرات رغم أن رويترز لم تستطع التأكد من مصدر مستقل من صحة هذه التقارير. وقال ماجد علي "28 عاما" وهو من نشطاء المعارضة متحدثا لرويترز هاتفيا من مضايا.. كنا نعيش علي أوراق الشجر وعلي النباتات. لكننا الآن نكافح عاصفة ثلجية ولم يعد هناك المزيد من النباتات أو أوراق الشجر. وأضاف: أنا كنت 114 كيلو قبل الحصار. الآن صرت 80. وقال أبو حسن موسي رئيس مجلس المعارضة في مضايا إن سكان المدينة يرضون الآن بالمياه بنكهة التوابل أو الليمون والملح والخل كلما أمكن. وقال السكان إن الأسعار قد تصل إلي نحو 300 دولار للكيلوجرام حينما يتوفر الأرز أو الحليب المجفف. وقال علي ناشط المعارضة إنه بسقوط ثلوج بارتفاع نصف متر هذا الأسبوع بدأ حرق الأثاث والأبواب والتجهيزات الخشبية لتدفئة البيوت. وأضاف: المفاوضات لا معني لها ما دمنا محاصرين وما دمنا نتمني فنجاناً من الحليب من أجل طفل. ما الذي سنتفاوض عليه؟ موتانا؟. وحصار المدن والقري ملمح شائع من ملامح الحرب الأهلية الدائرة منذ ما يقرب من خمس سنوات سقط فيها نحو 250 ألف قتيل. إذ تحاصر قوات حكومية مناطق تحت سيطرة المعارضة بالقرب من دمشق منذ عدة سنوات وفي وقت أقرب حاصرت جماعات معارضة مناطق موالية للحكومة من بينها قريتان في محافظة إدلب. وربما يكون مصير مضايا التي يقول برنامج الأغذية العالمي إن حياة 40 ألف نسمة فيها معرضة للخطر مرتبطا بهاتين القريتين. وكانت تلك المناطق جزءا من اتفاق محلي لوقف إطلاق النار تم التوصل إليه في سبتمبر الماضي لكن تنفيذه توقف. وقد تم ترتيب عملية تسليم المساعدات السابقة إلي مضايا في أكتوبر لتتزامن مع تسليم مساعدات مماثلة لقريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين. ووصف علي سكان مضايا بأنهم رهائن محتجزون كورقة للمساومة علي الفوعة وكفريا. وكانت وكالات الإغاثة تأمل تيسير الوصول إلي المنطقة في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه تحت إشراف الأممالمتحدة. وقالت بتينا لوشر المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي ردا علي سؤال من رويترز "برنامج الأغذية العالمي يشعر بقلق شديد بشأن ما تردد عن الوضع الانساني في مضايا المحاصرة منذ أشهر عديدة والذي أصبح يهدد الآن أرواح ما يقرب من 40 ألف شخص. وأضافت: آخر مرة تم فيها الوصول إلي مضايا في 17 أكتوبر بعدد 3900 حصة من الغذاء وهو ما يكفي لإطعام أكثر من 19 ألف شخص لمدة شهر واحد. ومنذ ذلك الحين لم تقدم مساعدات غذائية أو إمدادات انسانية أخري لهذه المناطق كما كان مخططا. وقد قالت لجنة تحقيق تابعة للامم المتحدة إن حرب الحصارات استخدمت بطريقة مخططة ومنسقة بلا أي رحمة في الحرب الأهلية السورية بهدف "إجبار السكان بشكل جماعي إما علي الاستسلام أو الموت جوعا كان حصار مضايا قد بدأ قبل نحو ستة أشهر عندما بدأ الجيش السوري ومقاتلو جماعة حزب الله اللبناني المتحالفة معه حملة لإعادة سيطرة حكومة الرئيس بشار الأسد علي مناطق علي الحدود السورية اللبنانية من بينها مدينة الزبداني. ونفي مصدر مقرب من دمشق مطلع علي الوضع في مضايا منع المدنيين من مغادرة المدينة وقال إن عدد الناس فيها مبالغ فيه. غير أن المرصد السوري قال إن 15 شخصا من بينهم أطفال قتلوا خلال محاولة الهرب إما رميا بالرصاص أو بألغام زرعت لتنفيذ الحصار الذي تفرضه قوات الحكومة ومقاتلو حزب الله. ولم يتسن الاتصال بمسؤولين سوريين للتعقيب. وتقول وكالات المساعدات إنها طلبت تسهيل وصولها إلي مضايا ست مرات خلال 2015 لكن لم يتح لها توصيل مساعدات سوي مرة واحدة. أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا في 18 ديسمبر يرسم خارطة طريق لمحادثات السلام ويدعو الأطراف للسماح لوكالات الإغاثة بالتحرك في مختلف أنحاء سوريا دون عوائق لاسيما في المناطق المحاصرة والمناطق التي يصعب الوصول إليها. وقد أبلغ مجلس تشكل حديثا من قوة المعارضة للإشراف علي المفاوضات مبعوث الأممالمتحدة ستافان دي ميستورا أن من الضروري حدوث ذلك قبل بدء المحادثات التي يخطط لعقدها في 25 يناير.