أكد فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر. أن هجوم بعض دوائر الإعلام علي مناهج الأزهر. ووصفها بأنها تُخرج متطرفين أو متشددين وداعشيين. كذب علي التاريخ والواقع والحقيقة. فهي التي تُخرج المسلم الملتزم بالإسلام الوسطي: عقيدة وفكرًا وسلوكًا. وهذا ما يتحقق دومًا في مصر والعالم كله. قال الإمام الأكبر: لو نظرنا إلي كل قيادات الحركات الفكرية المتطرفة والمسلحة لن تجد أيًا منهم تخرج في جامعة الأزهر. فهؤلاء جامعاتهم التي تخرجوا فيها معروفة وكتبهم معروفة أيضًا. ولم نر من فتح فمه بكلمة يُدين بها مناهجهم أو دعواتهم أو اجتماعاتهم التي راحت تعيث في العالم قتلاً وإسالة للدماء. لكنهم يُطلقون حناجرهم فقط علي مناهج الأزهر والعقلية الأزهرية الوسطية.. مؤكدًا أن هؤلاء الإعلاميين لا يعلمون شيئًا عن مناهج الأزهر. ولا قرأ أحدهم كتابًا أو "بعضًا من كتاب" من مناهج الأزهر» اللهم إلا فقرات مجتزئة من هذا الكتاب أو ذاك. مُصرًا علي الهجوم. وهو هجوم ينفذ أجندات أجنبية من دوائر تحارب الأزهر. وقد حُورب الأزهر عبر التاريخ. ولا يزال يحارب من كارهيه. أعداء الثقافة الأصيلة. أضاف - في حديثه الأسبوعي الذي سيذاع اليوم. علي الفضائية المصرية : كتب التراث في العالم لا تخلو من أحكام كانت تُعالج قضايا طُرحت آنذاك. وربما افترض العلماء صورًا واحتمالات لم تقع. ولكن حرصًا منهم علي البحث المستقصي فقد ذهبوا بعيدًا في الافتراض والتفريع في مسائل يصعب تصورها. وهذا نوع من البحث معروف في أبواب الفقه الإسلامي. وهم قاموا بما يمليه عليهم البحث والاستقصاء في فروع مسائل الفقه. وليس بالضرورة أن تكون تلك الصور والافتراضات قد وقعت أو تقع في المستقبل. وهذا ما لا يدركه كثير ممن يتكلم دون علم في دقائق علم الفقه. أوضح أن هؤلاء الذين يقولون إن مناهج الأزهر تُخرج شخصًا داعشيًّا - يقول بجواز قتل المخالف وحرقه- عليهم أن يدلونا علي حادثة واحدة في التاريخ الإسلامي. تحققت فيها هذه الصور البشعة. ونفس الشيء في زواج البنت الصغيرة قبل البلوغ. أين طُبق هذا؟ ومتي حدث؟ وفي أي مرحلة من مراحل التاريخ التي حدث فيها زفاف البنت إلي زوجها قبل البلوغ؟!. ونحن ننزه تراثنا الفقهي العظيم من مثل هذه الآراء والأقوال الغريبة. أن تكون آراء معتمدة عند العلماء في الحكم والفتوي. وإنما بعضها آراء وافتراضات قيلت علي سبيل الافتراض لا غير. وهناك فرق أن تتحدث عن احتمالات وصور قد تحدث. وبين الواقع. وتراث الإنسانية فيه مثل هذا.. مشيرًا إلي أن هؤلاء المنتقدين لا يفرقون بين رأي علمي طُرح من أحد الفقهاء في زمن وعصر. وبين منهج معتمد ارتضته الأمة عبر العصور. ولا نشك أن التشويش المتعمد علي مناهج الأزهر يُراد به الاصطياد في الماء العكر. وتشكيك الناس في الأزهر. قال الإمام الأكبر: أنا شخصيا دخلت الأزهر سنة 1956. وكان باب الرق والعبيد محذوفًا ولا يُدَّرس. وكذلك غيره من بعض الأبواب. ورغم هذا فإنني أحبذ أن تطبع كتب التراث كما هي. من باب الأمانة. ويُعلَّق علي بعض المسائل التي أصبحت في ذمة التاريخ. ببيان شافي بما عليه العمل في أيامنا هذه. وذكر أسباب ورودها من الناحية التاريخية. وهذا هو الذي درج عليه شيوخنا في الأزهر عند تدريسهم كتب التراث الإسلامي: عقيدة وفقهًا وأصولاً. ومن ثَمَّ كان طلبة الأزهر علي مر العصور لم يجدوا تناقضًا ولا ما يخالف بالطبع العقل السليم فيما درسوه في مقررات الأزهر. أضاف الإمام الأكبر: لكن ابتليت الساحة الإعلامية ببعض من لم يدركوا حقيقة هذا المنهج. فأخذوا بعض جمل من بعض الكتب المقررة. وهي في حقيقة الأمر جمل إما محذوفة من المنهج المقرر. أو غير ملزمة للطالب ولا يدرسها. ثم خرجوا يشوشون علي مناهج الأزهر. ويشهرون بها. وما كنا نتوقع أن يكون هناك شخص يتقي الله ويخاف من المسئولية أن يعبث هذا العبث إلي هذا الحد. إذ أن مناهجنا هي التي حافظت علي وسطية الإسلام عقيدة وفقهًا. وهي التي حافظت علي أن تظل مصر بلا إرهاب. ولا متطرفين. اللهم إلا من فئات ضالة مضلة اعتمدت علي مناهج غير مناهج الأزهر. وتمذهبوا وتعبدوا بها.. مشددًا علي أن التعليم خارج مؤسسة الأزهر يحتاج إلي مراجعة شاملة. لأن التعليم غير الأزهري في معظمه يُعَلِّم: إما أن تكون معي وإما أن تكون كافرًا. أو فاسقًا. لكن التعليم الوسطي الذي لا يُكفر هو التعليم الأزهري. وهو الذي يقول: إننا جميعًا أخوة في الإسلام الذي يسعنا جميعًا. وبالتالي مصر هي المكان الوحيد الذي يُدَّرس فيه المذاهب الفقهية الأربعة. بسبب الأزهر ومنهجه الذي يقوم علي التعددية. والمنهج التعددي فيه رأي. ورأي آخر. ورأي ثالث. ورأي رابع. وكل هذه الآراء صحيحة. حيث إن طبيعة المنهج التعددي لا يمكن أن تنتج متشددًا. فعقلية الأزهر تسع الكثيرين. ولا تحملك علي مذهب معين يُكفر مخالفه أو يفسقه كما في بعض مناهج التعليم غير الأزهري. التي لم يتحدث عنها أحد. أشار إلي أنه قرأ في تاريخ الأزهر أن هناك في فترات معينة كان الهجوم الممول يشتد علي الأزهر ورجاله. ورغم هذا فإن الأزهر يظل ثابتًا شامخًا» لأن الأزهر لو اهتز ستهتز مصر ثم يهتز العالم العربي والإسلامي كله. لأنه ضمير الأمة وسقفها. والأزهر حفظه الله طوال 1060 عامًا. ولا يمكن أن تهزه الآن مؤامرة هنا أو هناك. فالأزهر بمنهجه الوسطي السمح. منهج تعددي لا يقر تكفيرًا ولا إقصاء ولا تبديدًا.. وهو سائر علي هذا النهج إلي ما شاء الله. أوضح الإمام الأكبر أن غالب الدول الإسلامية تتمذهب بمذهب معين. ففي تركيا مثلاً نجد المذهب الحنفي هو السائد. وفي إندونيسيا نجد المذهب السائد هو المذهب الشافعي. وفي إيران نجد المذهب الإمامي الجعفري هو السائد. وفقه المذاهب الأربعة لا يسود. وفي الخليج نجد الفقه الحنبلي هو السائد في الغالب الأعم. وفي المغرب كله نجد الفقه المالكي هو السائد. أما مصر فهي البلد الوحيد الذي نجد فيه الفقه الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي. وهذا كله بسبب الأزهر. الذي تدرس فيه كل هذه العلوم. من الصف الأول الابتدائي إلي أن يتخرج الطالب في القسم الثانوي. أضاف الإمام الأكبر. أن الهجوم علي الأزهر. هجوم علي وطن. ونحن في الأزهر واعون. وهذه الكتب التي ينتقدونها الآن. جيلي كله. تخرج عليها. وليس منا مَنْ هو إرهابي ولا تكفيري. قد يكون بعض الطلاب استغلتهم بعض التيارات المتشددة. للتظاهر هنا أو هناك. هذا أمر وارد» ولكن أن يحمل السلاح ويذهب ويقتل. هذا ليس من صناعة الأزهر ولا من تعليمه. ولتبحثوا عن صناع الإرهاب وانتقدوهم. فالأزهر منهجه وسطي. وليس مؤسسة تكفير أو مؤسسة إرهاب ولا تعليمه يخرج إرهابيين. ونحن كأشاعرة لا نكفر أحدًا من أهل القبلة. حتي الذين يكفروننا لا نكفرهم. ولولا الله الذي أنعم علي مصر بالأزهر. لكانت مصر لقمة سائغة للتكفيريين وللمتطرفين وربما وقعت فيما وقع فيه الآخرون. لكن ببركة الأزهر وبتعليم الأزهر حُفظت مصر. قديمًا وحاضرًا ومستقبلاً إن شاء الله. ولا يزال رسل الأزهر في العالم هم العلامات المضيئة في الدنيا جميعًا.