أي دولة من تفجيرات أثارت الأسي والاستياء أصبح من الواجب التصدي بكل قوة لوضع حد لمنع انتشار هذه الجرائم غير الإنسانية وقد أعجبني اقتراح رئيس وزراء فرنسا ويتمثل في إعداد برامج لتوعية الشباب والوقوف بجانبه في محاولة للحد من استقطاب تنظيم "داعش" وأخواته من الإرهابيين لهؤلاء الشباب وتلقينه أفكارا متطرفة واقناعه بوسائل متعددة لضمه إلي تلك التنظيمات وتقديم كل ألوان المغريات وإفهامه بأنه علي الطريق الصحيح وقد جاء هذا الاقتراح بعد أن اكتوت فرنسا بنيران هذا الإرهاب اللعين. ويبدو أن فرنسا وجاراتها من دول أوروبا كانوا يعتقدون أنهم في أمان بعيدا عن هؤلاء الإرهابيين لكنهم فوجئوا بتلك التفجيرات أثارت فزعهم وحركتهم لاتخاذ مختلف الإجراءات ضد هذه الأعمال وكيف يسيطرون علي الشباب الذي انجرف في حبائل جماعات التطرف والتكفير. ان هذا التفكير جاء متأخرا. وكم نادينا من قبل بضرورة التركيز علي الشباب وتوعيته بمختلف الأساليب العلمية الحديثة واقناعه بالابتعاد عن تلك الأفكار المتطرفة التي تدمر الأرواح والمنشآت. ولعله مما يشير إلي ضرورة تنظيم هذه البرامج ما كشفت عنه التحقيقات والمحاكمات لأعضاء هذه التنظيمات التكفيرية الإرهابية فقد ظهر بوضوح أن التنظيمات تستقطب الشباب الصغير وبذل أقصي الجهد لاقناعه بأنه علي الطريق الصحيح وانه يعيش في ظلال هذه الأفكار حياة طيبة وسط هذه المجتمعات الكافرة وأنه حتي إذا مات أثناء مقاومة هذه المجتمعات فإنه يموت شهيدا ينعم بالخلود والحور العين ولا يفوتنا أن نشير في هذا المقام إلي ما كشفت عنه التحقيقات والمحاكمات لاطراف من هؤلاء الإرهابيين الصغار وفي مقدمتها ما جري في نيويورك فقد اعتزمت المحكمة الاتحادية الأمريكية محاكمة مراهق باعتباره بالغا بتهمة التآمر لدعم تنظيم "داعش" رغم أن عمره كان 17 عاما وقت اعتقاله وتوجيه التهمة له. وتبين أن هذا المراهق رغم أنه مجهول الهوية إلا أن أوراق القضية بالمحكمة أنه كان من بين 6 رجال في نيويورك ونيو جيرسي اعتقلتهم السلطات منذ يونيو الماضي في إطار تحقيق واسع في تهم تتعلق بمساعدة جماعة متشددة. وأن هذا المراهق كان صديقا للطالب منذر صالح في الجامعة بمنطقة كوينز بمدينة نيويورك. وقد قاموا بمناقشة خططا لتجميع عبوة ناسفة وتفجيرها في منطقة نيويورك والقي القبض عليهم في يوم 19 يونيو الماضي. هذه القضية وغيرها من أوراق التحقيقات في جرائم الإرهاب تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هؤلاء المتطرفين أفكار تسري وسط الشباب كما تسري النار في الهشيم.. وكل ذلك يلقي باعباء علي عاتق المسئولين في أمريكا وأوروبا والبلدان العربية والإسلامية ويتعين الاشتراك بأساليب علمية لجذب الشباب وتوعيتهم بأن كل الأديان السماوية ترفض هذه الأفكار المتطرفة وتدين أي جرائم تقع في إطار مزاعم وأباطيل لاقطاب هذه الجماعات المتطرفة واقناعهم بأن هؤلاء يقدمون الشباب وقودا لهذه الجرائم وأنهم يظلون بعيدا عن أتون هذه الجرائم وكل هدفهم الوصول إلي السلطة بأي صورة وتحت أي زعم ولو علي جثث ودماء الأبرياء.. هذه المهام تقع علي كاهل المجتمعات ومنظمات المجتمع المدني ويقع العبء الأكبر علي أسر هؤلاء الشباب إذ يجب علي أولياء أمور الشباب مراقبة سلوك أبنائهم والتعرف علي كل تحركاتهم وتوعيتهم بأخطار التكفير وارتكاب جرائم التفجيرات التي تحصد الأرواح بلا تمييز بين البشر. وأن تنهض الأسرة بدورها بكفاءة وبلا تكاسل وبذل أقصي الجهد لمراقبة سلوكيات الأبناء ويجب علي رجال الأزهر والدعاة والوعاظ المشاركة في برامج التوعية.. هذه المهام تتطلب تضافر الجهود لتربية الشباب في كل دول العالم علي أساس من القيم التي تحترم آدمية البشر وتجرم التطرف والإرهاب والدول العربية والإسلامية في المقدمة.. ياسادة الإرهاب يدمر الحرث والنسل وحان الوقت لتجفيف منابعه بين الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم.