استنكر علماء الأزهر الدعوات الإيرانية التركية التي تطالب بتدويل شعائر الحج والإشراف علي المناسك من قبل "منظمة التعاون الإسلامي" وذلك بعد سقوط الرافعة الحديدية علي الحجاج وحادث التدافع بمني واللذين تسببا في مقتل وإصابة المئات من حجاج بيت الله الحرام. أكد العلماء أن السعودية لم تقصر في أداء واجبها تجاه ضيوف الرحمن وأن هذه الحوادث قضاء وقدر تسبب فيها عدم إلمام الكثيرين من الحجاج بتعاليم الإسلام التي تنهي عن التدافع وتحث علي الالتزام بالسكينة والوقار وإفساح المجال للغير وعدم المزاحمة عند أداء المناسك وضرورة تنفيذ تعليمات السلطات السعودية. د. عبد الفتاح إدريس أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر يؤكد أن الإسلام دين علم أتباعه النظام في كل شيء .. ولعل اصطفاف المسلمين في صفوف الصلاة أكبر دليل علي هذا النظام الذي غرسه الإسلام في أتباعه .. ومن مظاهر النظام أيضا الصيام في توقيت معين وانتهائه في توقيت محدد آخر سواء فيما يتعلق باليوم أو الشهر .. وشعائر المسلمين كلها علي هذا النظام الذي غرسه الإسلام في أتباعه. ويأتي الحج ليكون شعيرة من الشعائر التي يجب علي المسلمين أن يلتزموا بالنظام فيها فبداية النسك وما يليه وما ينتهي به منظم تنظيما دقيقا بحيث إذا خالف الحاج هذا النظام لم يجزئه حجه .. فالطواف أولا ثم السعي .. بعد ذلك الوقوف بعرفة ثم المبيت بمزدلفة ثم رمي جمرة العقبة بعد ذلك رمي الجمار الثلاث في أيام التشريق بداية برمي الكبري ثم الوسطي فالصغري .. ومن ثم فإن من يخالف هذا الهدي الإلهي لهذه الشعيرة فإن حجه يرد عليه ولا يقبل منه.. ولهذا فإن المسلم مطالب بالالتزام بالنظام والرفق بنفسه وبالمسلمين فلا يزاحم علي مواضع النسك ولا يدفع غيره عنها ليؤدي منسكه هو .. وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه شديد الحرص علي أن ينال الحجر الأسود ويقبله حتي ولو أدي ذلك إلي دفع الناس عنه ليتمكن من بغيته فلما رآه رسول الله صلي الله عليه وسلم علي هذه الحال قال له "يا عمر إنك قوي جلد فإن وجدت فرجة تمكنت بها من استلام الحجر وتقبيله فافعل وإلا فأشر عليه بيدك حتي لا تزاحم الناس عليه". أضاف د. إدريس أن الزحام علي مواضع النسك يخالف المنهج الإسلامي باعتبار أنه من شأنه إقصاء بعض الناس عن أداء مناسكهم وفق ما تيسر لهم أحوالهم وهذا من شأنه أن يفسد علي المسلم حجه .. ومن ثم فإن هذا التدافع لا ينبغي أن يكون في الحج أو غيره وقد كان رسول الله في هديه عندما نفر من عرفة إلي المزدلفة راكبا دابته وينصح أصحابه فيقول لهم عليكم بالسكينة والوقار فإذا وجد فجوة دخل فيها بدابته وإذا لم يجد تريث وهكذا كان ديدنه صلي الله عليه وسلم.. كما أن هذا الزحام والتدافع فيه إضرار بالغير وقد نهي رسول الله عنه فقال "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" أشار إلي أن جهد القائمين علي الأمر في بلد الحرمين الشريفين من واقع ما يلمسه الحجاج والعمار فإن هؤلاء القوم لا يشعرون براحة إلا بعد أن يؤدي الحجاج والعمار مناسكهم في أمن وسلام وإن هؤلاء القائمين علي الأمر في بلد الحرمين الشريفين قد بذلوا كل مرتخص وغال في توسعة مواضع النسك ليتمكن الناس من أداء مناسكهم من غير تدافع ولا زحام ولابد أن يذكر الفضل لأهله فجزاهم الله عما قدموا للحرمين الشريفين والمسلمين الذين يقصدونهما خير الجزاء وأحسنه. أما الدعوات التي تطالب بتشكيل إدارة إسلامية لتتولي شئون الحج قال د. إدريس : إنه قيل في المثل "أهل مكة أدري بشعابها" ومن المتيقن أن من يكونون من خارج المملكة لا يتصور ولا حتي يتخيل أن يفعلوا من التنظيم والترتيب مثل ما يفعله أهل المملكة في تنظيم الحج والقيام علي راحتهم .. والمطالبات بتشكيل إدارة خارج حدود المملكة دعوات فاشلة ذات مآرب استعمارية لا يخفي وجهها القبيح عمن لديه أدني مسحة من عقل ومن ثم فإن هذه الدعوت مفضوحة ومردود علي أصحابها والداعين إليها .. فهم لم يقصدوا بذلك خدمة الحجاج والعمار وإنما أرادوا أن تكون هذه البقاع المقدسة مواضع لممارسة الفحشاء والمنكر الذي يمارسه أصحاب هذه الدعوات في بلادهم وهذا أمر معلوم للقاصي والداني. تثقيف الحجاج د. حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر يقول إن الخطأ يأتي من عدم تثقيف الحجاج في بلادهم فواجب كل دولة أن تعقد ندوات لمدة يومين أو ثلاثة للوفود قبل سفرها للسعودية للتعريف بمناسك الحج وبأدب الوقوف علي عرفة ومناجاة الله فيه وبأدب الطواف بالكعبة وعدم التزاحم واستعمال القوة عند الاقتراب من الحجر الأسود ويكفي أن يرفع الإنسان يده عند التكبير ولا يقف عند الخط الأخضر بالحجر الأسود وإنما يمر مرور الكرام بصبر وسكينة وهدوء وأن يعرف أن هناك الضعيف وذا الحاجة والرفق بهما واجب إسلامي كذلك عند رمي الجمرات فلا يخالف التعليمات الرسمية في الرمي والسير في الطرقات الممنوعة فهناك طريق ذهابا وآخر إيابا فلا يخلط هذا بذاك حتي لا يحدث ما حدث. لا يؤيد د. طه أن تكون هناك هيئة عالمية إسلامية تشرف علي الحج فأولو الأمر القائمون علي مناسك الحج في المملكة العربية السعودية لم يألو جهدا في القيام بخدمات الحجيج كبيرهم وصغيرهم وأن كل فرد في المملكة يبذل قصاري جهده في الترحيب بحجيج الله ومن اللافت للنظر أن هذه الملايين توفر لها المملكة طعامها وشرابها وسكنها وإنارة الطرق وتسيير الطريق مع أن هذا لو حدث في دولة أخري لارتبكت الحياة فيها فلا تجد في يوم من الأيام نقطة ماء ولا قطعة خبز ولا زحام في الموصلات ولا في الطرقات .. فهم يقومون بأكبر جهد من أجل راحة الحجيج. أشار إلي أن ما حدث لا نلوم السعوديين علي قضاء الله وقدره فهؤلاء الناس سخرهم الله لخدمة حجيج بيته فلا يجب أن ينازعهم فيه أحد فالله هو الذي أعطاهم هذا الملك وهو الذي سخرهم لخدمة حجيج بيته فإذا وقعت حادثة مثل ذلك فلا يجب أن ننزل عليهم العقاب ولا تتناولهم الألسنة بالتقصير ولا يهاجمهم أحد .. فبدلا من أن نهاجمهم يجب أن نشكرهم وندعو لهم. إعجاب شديد الباحثة الإسلامية د. شيماء طه تقول : عندما زرت البيت الحرام أعجبت إعجابا شديدا بهذا العمار الفاخر وتلك الكتلة من الفنادق وهذه الطرق الشاسعة التي لا يقدر علي القيام بها إلا أناس عندهم إيمان بالله ورسوله يمتازون بكرم الضيافة فأي دولة في العالم تستطيع أن تقوم بذلك وأي تكتل دولي يستطيع أن يرعي ذلك .. فإن أهل الجزيرة العربية منذ قديم الزمن سخرهم الله لخدمة حجيجه فلا يجب أن نوجه لهم اللوم وحتي لو وقع تقصير في موسم من مواسم الحج فقد أنفقوا الكثير من أموالهم علي خدمة حجيج بيت الله ولكن يجب علي الحاج أن يكون عنده ثقافة الأدب في التعامل مع الآخر عند أداء المناسك. .. والأزهر يرفض كان الأزهر الشريف قد أعلن رفضه الشديد للاتهامات التي وجهت للسعودية عقب حادث مني لافتا إلي أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تبذل قصاري جهدها لإنجاح موسم الحج. كما شن أعضاء من هيئة كبار العلماء بمصر هجوما شديدا علي الادعاءات الإيرانية في هذا الصدد. وأكد وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان رفض مؤسسة الأزهر للاتهامات المتسرعة. لافتا إلي أن السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين تبذل سنويا قصاري جهدها. لإنجاح موسم الحج. وأي اتهام لها بالتقصير كلام غير مقبول. وطالب وكيل الأزهر الجميع بعدم التسرع في إصدار الأحكام قبل انتهاء التحقيقات. مؤكدا عدم جواز توجيه الاتهام للسعودية بأي حال من الأحوال وفي نفس السياق وجه الدكتور محمود مهنا. مستشار شيخ الأزهر للعلاقات الخارجية. الإشادة إلي المملكة العربية السعودية بسببپ الخدمات المقدمة إلي الحجاج. وتطورها كل عام. وقال "مهنا" إن حادث تدافع "مني" وسقوط رافعة بالحرم المكي. قضاء وقدر. والتحقيقات ستكشف المخطئ معربا عن رفضه لاستخدام إيران حوادث الحج وتوظيفها "سياسيًا" ضد المملكة العربية السعودية.