* الفنان الذي يشعر بأوجاع وطنه ويتفاعل معها من خلال عمل فني هو الفنان الاصيل هذا الكلام مقصود به هاني شاكر الذي قدًّم أغنيته الرائعة الحق في الحياة ومطلعها "الرحمة فين والإنسانية وفين ضميركم" التي كتبها الشاعر ناصر الجيل وقام بالتلحين والتوزيع الملحن محمد ضياء والثلاثة من خلال العمل يصرخون في وجه كل حكام العالم العربي والغربي الذين تخلوا عن الشعب السوري ويناشدونهم ان يساندوه في محنته واتخذوا من صورة الطفل "إيلان" الكردي الذي مات غرقا اثناء هروب اسرته من جحيم الحرب مبررا لهذه الصرخة الصادقة والتي بدأها مؤلف الكلمات وأكملها الموسيقار وعبر عنها بصوته الشجي مطربنا المحبوب الذي بكي وهو يتحدث عنها. ورغم أن العمل كما فهمنا تم إعداده بشكل سريع إلا أن اللحن جاء يحمل فكرا موسيقيا ومعبرا عن الكلمات حيث اعتمد علي جملة موسيقية جنائزية متكررة تؤكد الانفعال والتأثر بصورة الطفل الذي لفظته الأمواج علي شواطئ تركيا والتي حركت إلي حد ما ضمير العالم وربما تسهم في تحسين وضع اللاجئين السوريين الذين لم يجدوا مخرجا إلا الهروب عبر البحار. الثلاثي هاني وناصر وضياء بعملهم هذا والذي سهروا عليه ليخرج إلي النور سريعا جعلنا نتذكر فنانينا ال العظماء أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وبليغ والابنودي والطويل وغيرهم الذين كانوا يسهرون الليل في الإذاعة يبدعون الأغاني الوطنية أثناء الحروب التي خضناها ضد العدو الإسرائيلي وليسجلوا بالفن لحظات تاريخية تمس الوجدان. هذا ما شعرت به حين فوجئت بأغنية هاني شاكر والذي يستحق عليها التحية هو والشاعر والملحن وفريق الموسيقيين ومهندسو الصوت وكل من سعي لخروج هذا العمل الجميل بشكل سريع يواكب الحدث المفجع وجاءت الاغنية كما سبق ان ذكرت كانها صرخة في وجه العالم وايضا مرثية جميلة لهذا الطفل البريء ولكل شهداء سوريا. هاني شاكر أدي الاغنية باحساس عال ومرهف وصدق ربما انه كان يشعر بمشاعر ابوإيلان المكلوم حيث انه سبق ان مر بتجربة الفقد التي ندعو من الله ان يصبره عليها. الاغنية استمعنا إليها مرة واحدة من خلال برنامج العاشرة مساء واتساءل لماذا لا تذاع كثيرا في الإذاعة والتليفزيون لعل الضمير يستيقظ ولا تحل فقط مشكلة اللاجئين وإنما يجب ان تحل مشكلة سوريا حلا سياسيا ويعود الكل إلي دياره حتي لا يكون لدينا فلسطين أخري.