كشفت التقارير التي أعدها المجلس القومي للمرأة عن تراجع حالات التحرش بالنساء والفتيات خلال أيام عيدالفطر المبارك بنسب كبيرة عما كان يحدث في السنوات الماضية. أكدت الكوادر النسائية أن تعديل القوانين وتغليظ العقوبات علي مرتكبي جرائم التحرش بالإضافة إلي تشديد الإجراءات الأمنية في أماكن التجمعات والمتنزهات والحدائق أدي لانخفاض هذه الظاهرة. في نفس الوقت كشفت مبادرة "شفت تحرش" عن ارتفاع وتيرة التحرش تجاه النساء والفتيات في محيط منطقة وسط البلد بشكل غير مسبوق. في البداية تقول الدكتورة كريمة الحفناوي- منسق الجبهة الوطنية لنساء مصر: إن قضية التحرش قضية أخلاقية في المقام الأول وتظهر بشكل كبير في المواسم والأعياد لعدم وجود رقابة من الأسرة والتواجد الأمني المحدود خاصة في أماكن التجمعات الكبيرة. أشارت إلي أن حالات التحرش انخفضت في عيدالفطر هذا العام نتيجة للمبادرة التي نادي بها المجلس القومي للمرأة ومنظمات المجتمع المدني ووضع استراتيجية شاملة لمنع التحرش سواء بالشوارع أو داخل المؤسسات وغيرها!! وأرجعت تراجع حالات التحرش إلي تكثيف التواجد الأمني في الحدائق والشوارع ودور السينما وغيرها من الأماكن التي تشهد كثافة عالية من الناس. قالت: الموضوع لم يعد مقتصرا علي الشباب فقط وإنما علي صغار السن والأطفال لإحساسهم بعدم وجود رقابة وأيضا لافتقارهم التربية والتوعية وترك وسائل التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" مفتوحا أمامهم مما يدفعهم لهذه التصرفات. أضافت ان تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 ليحتوي لأول مرة علي مصطلح "التحرش الجنسي" وذلك في يونيو 2014 وتضمن نصوصا تغلظ العقوبات علي مرتكبي التحرش سواء في الشوارع أو وسائل المواصلات وغيرها مما أدي إلي الحد من هذه الظاهرة. تقول الدكتورة هناء المرصفي -أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس: إن عودة هيبة الدولة بشكل كبير وتعافي أجهزة الأمن رغم الضغوط الكبيرة عليها بسبب عمليات الإرهاب ساهم في الحد من ظاهرة التحرش هذا العام عن الأعوام السابقة التي كان يوجد انفلات أمني وفوضي كبيرة في الشارع المصري. أضافت: يمكننا القضاء تماما علي التحرش وذلك إذا تمكنا من حل مشاكل الشباب وخاصة البطالة والعنوسة مشيرة إلي أن من أهم أسباب التحرش الشعور بالحرمان والتهميش خاصة في ظل الأحوال الاقتصادية والاجتماعية الصعبة بالإضافة إلي أن الأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية تشجع علي العنف والتطرف مؤكدة علي أن الثقافة والتربية عاملان أساسيان للتخلص من هذه الظاهرة التي تشوه صورتنا أمام العالم خاصة أنها ترتكب أحيانا ضد السائحات. القوانين الرادعة تري الدكتورة إجلال حلمي أستاذ علم الاجتماع الأسري بجامعة عين شمس: إن السبب الرئيسي وراء تراجع هذه الظاهرة خلال الاحتفالات بعيد الفطر المبارك يرجع للقوانين الرادعة التي تقضي بحبس المتحرش بالإضافة إلي تركيب كاميرات للمراقبة في العديد من الشوارع والميادين والحدائق والمتنزهات مما دفعت المتحرش إلي التفكير أكثر من مرة قبل ارتكاب هذه الجرائم. تتفق معها مني أبوهشيمة رئيس جمعية زهرة المدائن مؤكدة أن الحكومة قامت بدور فعال للحد من التحرش وأعلنت عن تبني عدد من التدابير والآليات لمواجهة مرتكبيها من بينها الدفع بعناصر شرطية نسائية عن طريق إدارة مكافحة العنف ضد المرأة وكذلك عدد القوات الأمنية المنتشرة في محيط منطقة وسط البلد والقيام بعمل حملة إعلانية واسعة عن طريق الصحف والبرامج الإخبارية عن استعدادات وزارة الداخلية لمواجهة التحرش وكذلك قيام المجلس القومي للمرأة ومنظمات المجتمع المدني بتشكيل غرفة عمليات لتلقي البلاغات وتقديم الدعم القانوني للناجيات من العنف بالمجان. أشارت إلي أن أعداد المتحرشين بمدينة العياط بالجيزة لاتزيد علي أصابع اليد الواحدة وذلك نظرا لأن المجتمعات الريفية تكون أشبه بأسرة واحدة يعرفون بعضهم البعض ولا تسمح بأي إيذاء لفتياتهم. تؤكد رابحة فتحي رئيسة جمعية الحقوقيات المصريات أن انتشار دوريات الشرطة النسائية المكلفة بمكافحة العنف ضد المرأة كان له دور كبير في الحد من الظاهرة وانخفاض حالات التحرش وكان معظمها تحرشاً لفظياً فقط وخاصة من الأطفال مما يؤكد عودة الانضباط إلي الشارع المصري بشكل كبير بالمقارنة بالسنوات الأربعة الماضية. التحرش زاد!! أما الدكتورة عزة كامل مدير مركز وسائل الاتصال والملاءمة من أجل التنمية فتري: أن هناك زيادة كبيرة في نسب التحرش هذا العام مؤكدة علي أن استمرار معاناة الشباب في الحصول علي فرصة عمل وعدم القدرة علي الزواج بسبب ارتفاع أسعار الشقق السكنية إلي أرقام فلكية يؤدي إلي استمرار هذه الظاهرة حيث يعاني الشباب من كبت جنسي مما يدفعه للخروج للشوارع للتحرش بالفتيات. تطالب د.عزة وزارة التعليم بالتوعية داخل المدارس والجامعات بخطورة هذه الظاهرة وتدريس مناهج جديدة ضد العنف بكل مظاهره وأشكاله ومن بينه التحرش. يؤكد فتحي فريد مسئول مبادرة "شفت تحرش" أن المتطوعين بالمبادرة تمكنوا خلال أول أيام عيدالفطر من التدخل في إنقاذ نساء وفتيات من 33 واقعة تحرش لفظي وحالتين واقعة تحرش جماعي و44 واقعة تحرش جسدي وفي ثاني أيام العيد من التدخل في 77 واقعة تحرش لفظي و28 واقعة تحرش جسدي وفي ثالث أيام العيد قاموا بالتدخل في 21 واقعة تحرش لفظي و18 واقعة تحرش جسدي ليكون مجموع الوقائع التي استطاع فريق المبادرة التدخل فيها والحد منها ومنعها 223 واقعة تحرش جنسي متنوعة. أشار إلي أن التقرير الذي أعدته المبادرة عن التحرش في أيام العيد كشف عن عدد من الملاحظات منها تدني أعمار الإناث اللاتي يتعرضن للتحرش في محيط منطقة وسط البلد بالقاهرة ورفض أغلبية النساء والفتيات اللاتي يتعرضن للتحرش تحرير محاضر بوقائع التحرش اللاتي قد تعرضن لها ويكتفين بأي رادع فوري دون اللجوء إلي القانون. أضاف أن المتطوعين والمتطوعات بالمبادرة لاحظوا ارتفاع وتيرة العنف الجنسي تجاه النساء والفتيات في محيط وسط البلد بشكل غير مسبوق وأن ردود أفعال مرتكبي التحرش باتت حادة بشكل غير مسبوق أيضا فضلا عن تمتعهم بالجرأة في ارتكاب تلك الجرائم دون أي شعور بالمحاسبة أو الردع. مشيرا إلي أن المتطوعين أنفسهم تعرضوا لبعض حالات العنف تجاههم أثناء تدخلاتهم الميدانية مما أسفر عن إصابة أحد هؤلاء المتطوعين بجرح قطعي بالفم. كشف عن أن معظم محاضر التحرش التي يتم تحريرها عديمة الجدوي بسبب رفض المجني عليها التوجه للنيابة للإدلاء بأقوالها ضد المتهم فيتم إخلاء سبيله بضمان محل إقامته.