أفهم أن تعبر القصيدة عن الأحزان الانسانية وتعكس من تواصلها جماليات الحزن أما أن تقيم الأحزان في الرؤية الشعرية فإن ذلك يعني أن الرؤية الشعرية متشربة الحزن حد القبول باقامته والتعايش معه ومجدي عبدالرحيم لا يسلمنا عبر القصيدة في ديوانه "قبل العتمة بمتر" للحزن بقدر ما يعيد انتاج حياتنا من خلاله حتي أنه صار عنصراً رئيسياً من عناصر تشكيلها من هنا فإن الشاعر لا يتصنع الحزن ولا داع له هو بطبعه هامس وحريص في تعبيره وفي تحليقاته. يصدر الشاعر ديوانه بمقولته المعبرة عن الحالة والعاكسة لأسي النفس البشرية مما يجري من أفعال البشر "كلهم خانوني.. إلا أمي.. وقصيدتي" هذا التصدير يمثل الاستدلال علي ما سبقت الاشارة إليه في هذه القراءة يقول الشاعر مؤكداً في أولي قصائده يمكن تكون آخر قصيدة اكتبها:"الكدب اتنطور علي الجانبين/ طارح كوابيس خوف / ومفيش قاموس بيترجم/ معني" صديق "ولا ايه الفرق ما بين الورد.. وريحة الموت. ثم يأخذنا للأفق المترامي انعكاساً لحزنين حزنه هو وحزن النهر الذي ما يزال رغم كل هذا الحزن يفيض في قصيدة "هربان من قدرك لمصيرك" فيقول: مش عارف تضحك مخنوق/ مش شايف أي جديد / في حياتك/ كل الأيام/ من نفس الصنف السييء/طعمها مر/حتي المشي علي الكورنيش/في آخر الليل/ماعدش يريح زي زمان/والنيل زعلان/واخد علي خاطر من كل الناس. ثم يصعد الأسي في مقام الحزن درجة أكثر دلالة وأكثر عمقاً في التتصوير الشعري كما نلحظ في قصيدة"محتاج لعينك يمكن أقدر أمشي خطوة لقدام" فيقول: السكة مفتوحة مدد/والصمت بوابة خرس/ والأمل مدبوح/ وما عادش ليه اختيار/الفخ منصوب للولد/والخدع محبوكة جداً/وأنا عامل عبيط/زي العبيد/عايشة بتترجي من الأسياد تموت. لكنه آي الشاعر يمتلك إدراكه وقدرته علي التعايش والتواصل والاحتجاج المرتفع مؤكداً علي أن الحزن حالة ديمومة مستمرة في حياة تعلق فيها الانسان علي أرجوحة. تطوح فيه يمينا وشمالاً وشرقاً وغرباً. وهو ما بدا في المقطع الأول من قصيدة "مش بعرف أكتب شعر" حيث يقول: متعلق أنا/من 30 سنة/في المسافة ما بين أول وآخر قصيدة حزينة كتبتها. ومن ديمومة الحزن يعكس تلازم الإحساس بالخوف كما جاء في قصيدة "متصالح مع نفسي.. ع الآخر" حيث يقول: متصالح مع نفسي ع الآخر/وبتأخر أحزاني/تحت سريري وأنام/خايف تطلع/ف.الضلمة لو مشيتها ف.يوم/ وقفلت الباب/ترجع تتسحب بشويش/وتنام تحت لحافي. كما نلحظ ولشدة الحزن يميل الشاعر للعناوين الطويلة وفي نفس الوقت تشكيل جملته الشعرية من كلمات قليلة. كما أن لغة القصيدة هي اللغة البسيطة الواضحة. في الوقت الذي تحلق فيه شاعريته عبر مرامي الصيد البعيدة كما تقوم الرؤية العامة للديوان علي تحذير فنحن وفقاً لما يري مقبلون علي عتمة ثقيلة. لذا يحذرنا ونحن علي حافتها كي نري مواضع اقدامنا قبل الوقوع. فإما أن نرتد لمراجعة أنفسنا. أو نتوقف لاستكمال قراءتنا ونفكر في البدائل. علنا نضيء العتمة ونتجاوز حواجزها.