لم تكن مصادفة أبدا أن يتربع النمر الأسمر في قلوب عشاقه ومحبيه وأن يحفر اسمه بحروف من نور في تاريخ الفن المصري المعاصر سينمائيا أو تليفزيونيا أو حتي مسرحياً. فأحمد زكي متولي عبدالرحمن بدوي الذي تولي والده بعد مولده بعام واحد فقط. واضطرت والدته للزواج من رجل آخر كعادة معظم سيدات القرية قديما. وتربي متنقلا بين بيوت عائلته. استطاع وبتلقائية شديدة أن يجسد شخصيات الشاب البسيط الفقير وأن يقترب من قلوب وعقول المشاهدين ببساطته وملامحه المصرية الاصيلة وموهبته الفذة التي اصقلها بدراسته في معهد الفنون المسرحية. جسد النجم الراحل أولي أدواره في مسرحية "هالو شلبي" خلال دراسته بالمعهد الذي تخرج فيه عام 1973 وكان الاول علي دفعته. وجذبه المسرح في بداية مشوارة فمثل العديد من الادوار التي لاقت نجاحا كبيراً وكان ابرزها مدرسة المشاغبين ومن بعدها العيال كبرت لتتوالي بعد ذلك أدواره السينيمائية الناجحة التي جسد خلالها شخصيات الطبقة الفقيرة باتقان بارع. تزوج النجم الراحل من الفنانة هالة فؤاد وكان لديه شقته بالمهندسين أقاما فيها وانجبا ابنهما الوحيد هيثم أحمد زكي. إلا أن الخلافات انهت حياتهما الاسرية سريعاً فانفصلا بعد مرور عامين فقط من الزواج. رغم اعتراف أحمد زكي أكثر من مرة أنه أخطا بطلاقه من هالة فؤاد وتأكيده في اكثر من لقاء له أنه لم يقتنع بامراه اخري يمكن أن تكون وجه له غيرها لانها الوحيدة من النساء التي احتفظ لها بمكانه خاصة في قلبه فكانت هي حبه الأول والاخير. عقب الطلاق بعدة سنوات ترك أحمد زكي شقته بالمهندسين وذهب للاقامة في احد فنادق القاهرة المشهورة المطلة علي النيل وظل يتنقل بين غرف الفندق واجنحته لاكثر من 18 عاماً حتي وافته المنيه. مؤكدا أن شقته الفارهة في المهندسين لم تعد بها روح وانه اصبح يجد سعادته في باقات الورد أو قطع الشيكولاته في استقباله بالفندق الذي تعامل فيه مع الجميع ببساطة واحترام. رغم انشغاله الدائم فقد كان الفنان الراحل حريصا علي علاقته بابنه الوحيد هيثم وكثيرا ما قال انه كان يتمني أن يبني لابنه عائله كبيرة تضم 6 من الاخوة والاخوات حتي لا يقابله نفس مصيره الذي شعر فيه باليتم مبكرا. قال الراحل في أحد اللقاءات التليفزيونية انا عايز اعطي لابني الحنان اللي افتقدته وأراه أحسن واحد في الدنيا لكي يركز في شهادته.. وبعد كدة يعمل اللي هو عايزه. وأقول له إذا حدث لي مكروه واحتجتني فاعلم أنك لن تكون وحدك. ورغم الادوار المتميزة التي أداها الفنان الراحل خلال مشواره الفني ومن بينها أبناء الصمت وشفيقه ومتولي والباطنية والراقصة والطبال والنمر الأسود والحب فوق هضبة الهرم والبيه البواب وزوجه رجل مهم وضد الحكومة وغيرها. إلا أن ثقله الفني وابداعه التمثيلي تجلي من جديد بعد تقديمه ادوار العدد من الشخصيات الهامة التي أثرت في تاريخ مصر المعاصر ومنها افلام "ناصر 56" و"ايام السادات" والتي لاقت نجاحا كبيرا لقدراته الهائلة في تقمص الشخصيتين وتجسيد ادق تفاصيلها ببراعه يحسد عليها. واعترف الراحل في احد تصريحاته بانه يتمني أن يعيش قرنا كاملا لتقديم اهم الشخصيات والاحداث التي عاشتها مصر. ورغم المجهود الكبير الذي بذله في اعداد وتصوير فيلمه الاخير "حليم" إلا أن القدر لم يمهله لاستكماله حيث توفي يوم 27 مارس 2005 إثر صراع طويل مع مرض سرطان الرئة حيث دخل المستشفي في حالة صحية حرجة نتيجة لمضاعفات الورم السرطاني في صدره وانتشاره إلي الكبد والغدد اللمفاوية في البطن وتم تشييع جثمانه إلي مقبرته بمدينة السادس من اكتوبر التي اشرف بنفسه علي بنائها.