في الملحق الخاص بمجلة "الدوحة" القطرية "عدد يونية" تغطية للفعاليات النقابية في مجال السينما والمسرح والفنون الشعبية والكتاب والموسيقي. التي شهدتها مدينة الدوحة عام 2011 وقد دارت في معظمها حول الثورات العربية وانعكاساتها. في محاضرته عن "التحولات العربية" قال الدكتور رشيد الخالدي الذي يشغل كرسي البروفيسور الراحل إدوارد سعيد للدراسات العربية ومدير معهد الشرق الأوسط في جامعة كولومبيا: إن ما قام بالثورة ليسوا هم الفقراء الجوعي. بل شباب ميسور الحال. شباب من أبناء طبقة رأوا أنهم ليسوا أقل من غيرهم من أبناء الدول المتقدمة استحقاقا لديمقراطية الحياة الكريمة. أن ما بدا في مصر وتونس فتح طاقات جديدة في الجدران المظلمة وذلك بفضل ذكاء الشباب بعد سنوات قمع الأنظمة الاستبدادية. لكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون: لماذا أصبحت الثورات العربية ثورات غير مسبوقة؟ قال: في الحقيقة ان الشعوب العربية لم تكف عن الغليان والانتفاض. لكن ما ألاحظه في الثورات العربية الحديثة أنها حركات ثورية سلمية. مثلما كان الثوار يهتفون في ميدان التحرير ثم في سورية واليمن وهذا في الحقيقة موجود من قبل في الانتفاضة الفلسطينية. والملاحظة الثانية ان تلك الثورات ركزت علي قيمة الديمقراطية والتغيير الدستوري وكأن ذلك رد علي الإدعاء بأن شعوب الشرق الأوسط لا تستحق الديمقراطية وحتي منتصف القرن العشرين كانت الأنظمة المستبدة تتعامل مع شعوبها بأنها لا تستحق قيمة الديمقراطية. وهذا يجعل ثورات عام 2011 فريدة. حيث كل التجارب السابقة كانت تميل لإنهاء السيطرة الاستعمارية الأجنبية في البلاد. لكن هذا التيار الوطني أدي لوجود نظم حكم عسكرية مستبدة في مصر وتونس أزاحت الشعوب حكامها وان كانت النتيجة لم تحسم بعد!! ولكن ما يميز الثورات أنها تؤرخ لنهاية مرحلة استعمارية وبداية مرحلة جديدة هدفها الاهتمام بقضايا الداخل وحل المشكلات العربية. فلقد تبدل الاستعمار والاحتلال بهيمنة أمريكية واعتمدت الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي علي دعم أمريكا بالرغم من ان الثورات القديمة قامت من أجل التخلص من الأنظمة الاستعمارية للدول العظمي. وأدي غياب الكرامة الي حالة من الشفقة في العالم العربي كأمة تخلفت عن ركاب التقدم وفجأة أثبت العرب أنهم ليسوا مختلفين عن غيرهم من الشعوب. لكن هل ما بدأ في مصر وتونس سيعمل علي زحزحة الأنظمة الأخري بعيدا عن الحكم؟ قال: إن لكل دولة ظروفها. ففي مصر وتونس المجتمعات متجانسة أما سورية والعراق والأردن فتختلف في تركيباتها. حيث يسهل اتباع سياسة "فرق تسد" التي استخدمتها الأنظمة الاستعمارية. كما استخدمتها الأنظمة الحاكمة الوطنية الحالية مما يؤدي الي سفك دماء في واقع مؤلم.