عفواً فاروق حسني.. توقف قليلاً أرجوك عن الكلام.. هذا الزمن ليس زمنك.. ولا يحتمل المنطق الذي تتحدث به ولا المفردات التي تستخدمها.. هذا زمن الثورة مازال.. وأنت تعيش في زمن مبارك مازلت.. تريد أن تبعثه وتزينه لتقحمه علي الحاضر بحثاً عن مكان مفقود ومكانة مفقودة.. ولا شك أنك رجل ذكي تعرف أن إطلالتك الآن تضر الحاضر وتثقل كاهله.. وكلامك الآن يشعل البيت ناراً. من البداية يعترف فاروق حسني في حوار ل "المصري اليوم" نشرته الاثنين الماضي بأنه كان طريد ثورة 25 يناير حيث سافر إلي الإمارات بعد الثورة مباشرة.. ويعترف بأنه لم يكن مجرد وزير.. "بل كنت أنا الدولة في الثقافة".. ثم يصل إلي قمة الاستفزاز في قوله إن براءة مبارك براءة للتاريخ وأن فكرة توريث جمال مبارك حكم مصر كانت وهماً من البعض. أعرف أن لفاروق حسني أصدقاء كثيرين ومريدين مخلصين.. وأولهم بالطبع الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الحالي.. وأرجوهم جميعاً أن ينصحوه بأن كلامه هذا يضر ولا ينفع.. هؤلاء الأصدقاء والمريدون يعرفون الحقائق التي نعرفها.. ولديهم الاجابات الصحيحة علي الأسئلة التي تدور في أذهان الناس عن سبب مجيء فاروق حسني إلي منصب وزير الثقافة وسبب استمراره.. ومن الأفضل لهم وله أن يقولوا له أن التزام الصمت أفضل. قولوا له إن فاروق حسني الشخص الفنان له الاحترام الواجب كمواطن حر في وطن كريم متسامح يتسع للجميع.. أما فاروق حسني الوزير الأسبق فمرفوض لألف سبب.. وحين يمارس لعبة غسيل السمعة سوف يواجه بألف اعتراض واعتراض.. ومن الأصوب أن يعيش الآن حياة عادية ولا يشغل الناس ويستفزهم. قولوا له إن براءة مبارك كانت لأسباب اجرائية تتعلق بتواريخ ومواعيد ولعدم كفاية الأدلة التي طمست وتم اخفاؤها.. أما المحاكمة الحقيقية لمبارك ونظامه علي قتل الثوار وفساد 30 عاماً وتخريب العقل المصري وتجهيل وتزييف الانتخابات وتزوير الإرادة الشعبية وبيع الغاز لإسرائيل بثمن بخس والارتماء الكامل في حضن أمريكا وإسرائيل وتعذيب المعتقلين لصالح أمريكا والتفريط في حق الآلاف من ضحايا غرق العبارة وحوادث القطارات وطائرة البطوطي والتربح وتفشي الرشوة والمحسوبية وزواج المال والسلطة وإهدار المال العام في صفقات الخصخصة وتخريب القطاع العام وتجميد الأحزاب والحياة السياسية.. هذه المحاكمة الحقيقية لم تبدأ بعد والحكم فيها هو الذي سيكون في حكم التاريخ. قولوا له نعم أنت لم تكن وزيراً عادياً.. كنت أنت الدولة في العمل الثقافي.. هذا حق.. أنت كنت من أهل البيت.. كنت المستشار المقرب للأسرة لما هو أكثر وأبعد من العمل الثقافي.. وكنت وزير الحظيرة الذي استطاع أن يشتري الكثير من المثقفين بالمال والمناصب والجوائز.. وتفنن في تدجين أصحاب الرأي حتي أصاب الحياة الثقافية بالجمود والركود والضحالة الفكرية.. ولم يستعص عليك منهم إلا المبدعون الحقيقيون غير المدعين "الأرزقية". هل تذكر صنع الله ابراهيم وكيف رفض أكبر جائزة في حظيرتك أمام الدنيا كلها معلناً أنه لا يمكنه قبول جائزة من نظام قمعي يقتل شعبه. قولوا له إن لعبة إنكار التوريث صارت أضحوكة.. فقد اعترف كل رجال مبارك بأنها كانت حقيقة ولم تكن وهماً.. وكان آخر تجلياتها محاولة فاشلة لاغتيال عمر سليمان في الأيام الأخيرة لمبارك. ذكروا السيد فاروق حسني بالمثل الشعبي "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب".. وذكروه أيضاً بالآية القرآنية الكريمة: "يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم".