ملايين المساجد تنتشر في ربوع وطننا بالمدن والأحياء والقري والنجوع وقصدها الملايين لأداء فريضة الصلاة في أوقاتها. معظم هذه المساجد تخضع لوزارة الأوقاف حيث تتولي شئونها من توفير إمام وخطيب لكل مسجد بالاضافة إلي مجموعة من العاملين الذين يقومون بخدمة المترددين علي بيوت الله. علاوة علي فرشها بأفضل أنواع السجاد. وبعبارة أخري ترعي وزارة الأوقاف كل المساجد وتختص مديريات الأوقاف بمراقبة أداء العاملين من موظفيها ومحاسبتهم وبحث أي مشاكل وايجاد الحلول المناسبة لها. وهناك مساجد يتولي شئونها بعض الجمعيات الخيرية أو بعض الأفراد حيث يتولي هؤلاء الاشراف علي هذه المساجد وتدبير الخدمات المختلفة لها. ودور العبادة التابعة للجمعيات فتتولي الجهات المختصة أمور تمويلها والتبرعات التي تتلقاها من أهل الخير. أما التي يتولي إدارتها بعض الأفراد بمساجد الأوقاف فلست أدري من يشرف عليها وان كان المفترض انها تخضع لوزارة الأوقاف. ومن ذلك كثير من الزوايا التي تقع بالعمارات والمنازل. الملفت للنظر أن في المساجد التابعة لوزارة الأوقاف تنتشر بداخلها لجان تعلن عن نفسها بأنها تتلقي أموال الزكاة من الذين يترددون علي دور العبارة وتضع الصناديق وعليها أقفال ويحمل كل صندوق عبارة "صندوق الزكاة" ويلحق بها صناديق أخري للعلاج أو رعاية المرضي وذوي الحاجات وبالتالي يقبل الناس عليها حيث يحظي من يتولي رعاية هذه الصناديق بتقدير المصلين الذين يقدمون أموال الزكاة سواء بالمال أو أي نوع من الأنواع الأخري مثل زكاة عروض التجارة. كل ذلك عمل مشكور وجميل لكن السؤال الذي يفرض نفسه أو بالأحري التساؤلات التي تتردد حول هذه الصناديق من حيث من يتولي تعيين القائمين علي هذه الصناديق؟ أم أن اختيارهم يتم بالانتخاب؟ وهل يجري تجديد عضوية هؤلاء الأعضاء؟ وهل إمام وخطيب المسجد من بين هؤلاء الأعضاء؟ وأليس هناك قانون يحدد كيفية إدارة هذه الصناديق؟ وهل تتم الموافقة علي وضع هذه الصناديق بداخل المساجد؟ وهل تخضع للرقابة المالية من جانب وزارة الأوقاف كشأن أي جهة تابعة لهذه الوزارة المنوط بها إدارة هذه المساجد؟ أم أن الأمور تجري بعيداً عن رقابة الأوقاف؟ المفروض ان تتولي وزارة الأوقاف هذه المهمة للتأكيد علي أن أموال الزكاة تصرف وفقا لمصارفها الشرعية التي حددها الله في سورة التوبة "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" 60 التوبة.. ثمن من يتولي تحديد هذه الأصناف لمعرفة من هو الفقير ومن هو المسكين وكذلك باقي هذه المصارف المفترض ان يكون هناك أحد العلماء أو الخبراء من أهل الثقة يشترك مع هؤلاء الأعضاء في جمع الزكاة وإعداد دفاتر تتضمن الأموال التي تم جمعها علي مدي كل فترة وتسجيلها وإعلان نتائج كل هذه الأعمال علي المترددين بالمساجد بحيث يعرف المزكي ان زكاته ذهبت لمن يستحقها وان تكون هذه العمليات من البداية للنهاية معلنة للمصلين بالاضافة إلي النسبة المخصصة للعاملين في جمع هذه الزكاة. الأمر الآخر هل تقوم الجمعيات التي تتولي إدارة المساجد أو دور الأيتام أو أي أنشطة أخري تخضع لرقابة وزارة التضامن وهل يتم إعلانها في أماكن واضحة حتي يتأكد كل متبرع أو مزك أن أمواله في هذه الجمعيات تجري إدارتها وفقا لنصوص قانون الجمعيات وهل تشرف وزارة التضامن الاجتماعي علي اختيار أو انتخاب أعضاء هذه الجمعيات ومعرفة الأنشطة التي ترعاها وكذلك التبرعات التي تتلقاها من أهل الخير وهم كثر في بلادنا. اعتقد ان طرح هذه التساؤلات وعرض هذه الأمور يستهدف في المقام الأول الحرص علي أعضاء لجان الزكاة وكذلك القائمون علي شئون الجمعيات الخيرية وغيرها. يحدونا في ذلك حسن النية في كل شخص يتولي عملا عاما. وأن تكون العلانية هي الوسيلة المثلي لبراءة الذمة وحفظا من ألسنة قالة السوء. إذ ليس هناك شيء أو عمل يدار بعيدا عن أجهزة الرقابة وتطبيق قواعد القانون في إدارة الجمعيات وتحقيق دور وفعالية وزارة الأوقاف في أداء دورها في أن تكون كل الأعمال التي تجري في المساجد تحت اشرافها وقيام وزارتي الأوقاف والتضامن الاجتماعي علي هذه الأنشطة لا يقلل من الدور الاجتماعي الرائد الذي يقوم به هؤلاء الأعضاء وكلهم من أهل الخير وأكرر أن الحرص عليهم ومنعا لأي شخص مغرض يتناول هؤلاء الأعضاء أو أيا من تصرفاتهم. انني أتوجه إلي الدكتور عبدالله الحسيني وزير الأوقاف والدكتور جودة عبدالخالق وزير التضامن الاجتماعي بضرور وضع هذه الأمور موضع الاهتمام وأن يجري تطبيق القانون خاصة بعد أن تنسم الشعب نسيم الحرية بعد ثورة 25 يناير ولكي تعرف الجماهير ان أموال الزكاة يجري تدقيقها وتوزيعها في اطار علني وكذلك الجمعيات الخيرية وأن تكون ميزانيتها تخضع للجهاز المركزي للمحاسبات وأن تكون عضوية لجان الزكاة بالانتخاب وأن يكون إمام وخطيب المسجد عضواً مسئولا بها. الأمر يتطلب سرعة إنجاز هذه المهام لكي نؤكد لكل من يقدم زكاته لهذه الصناديق أو تلك الجمعيات أن أمواله وتبرعاته يجري التصرف فيها وفقا لآية سورة التوبة وفي إطار صحيح القانون الخاص بالجمعيات الخيرية. في النهاية - انني حينما أتطرق إلي هذه الأمور لا أقصد النيل من أحد وإنما كل الهدف هو أن تكون هذه الأعمال تحت سمع وبصر الجماهير. إن الضمير الحي اليقظ لا يخشي من رقابة أي جهة من الجهات وإنما يجب أن يكون الترحيب بوجودها وأن يكون كل شيء في منتهي الوضوح. ان حسن النية هو رائدنا جميعا وليكن توضيح كل التصرفات هو أهم الأهداف التي نسعي إليها جميعا وعلينا أن نضع الأمور في نصابها الصحيح ولنسد الطريق أمام الخبثاء وذوي النوايا السيئة. أكرر لا نريد إلا الإصلاح ما استطعت انني في انتظار رد من الوزيرين الجليلين وتوضيح كل الحقائق حول ما أثرته في هذه العجالة وليت الجميع يدرك أن بيوت الله يجب أن تكون صرحا وموئلا لكل من يتردد عليها فالمسلم قدوة ونموذج في كل عمل طيب وهو طاهر القلب واليد. ***** "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين. ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته علي الذين من قبلنا. ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا وأغفر لنا وأرحمنا أنت مولانا فانصرنا علي القوم الكافرين" نكرر اللهم احسن عاقبتنا في الأمور كلها.