ثلاثة أيام ازدانت خلالها مدينة مراكش المغربية بالشعر والموسيقي والدرس النقدي . حيث شارك حوالي أربعمائة شاعر وباحث وإعلامي في الدورة الرابعة عشرة لمؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري التي احتفت بالشاعر العربي أبي تمام الطائي و خصصت له ندوتين شارك فيهما عدد من اساتذة النقد الأدبي . كما أصدرت ديوانه كاملاً في ثمانية أجزاء. وأعلن رئيس المؤسسة الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين أن المؤسسة تمكنت من إعادة صناعة ديوان أبي تمام لتكون قصائده ضعف ما نشر له سابقاً. فقد تمكن الباحثون من الحصول علي 387 قصيدة ومقطوعة لم تنشر من قبل وهو إنجاز يليق بمكانة شاعر كبير منح أمته ذوب قلبه وثمرة خياله . وسجل ملاحمها ورثي أبطالها. وجاءت هذه الدورة متواكبة مع احتفال المؤسسة بمرور ربع قرن علي إنطلاقها. وحظيت المناسبة بحفاوة بالغة من المشاركين . سواء من خلال الندوة التي تم تخصيصها لهذا الغرض أو من خلال المقالات التي كتبها شعراء وباحثون في النشرة اليومية للدورة. ومنحت المؤسسة جائزتها التكريمية لهذه الدورة للشاعر اللبناني الكبير جورج جرداق الذي غنت له أم كلثوم قصيدة ¢هذه ليلتي » . إلا أن الشاعر الكبير اعتذر عن عدم الحضور لظروف صحية صعبة . وإن لم يغب عن أجواء الدورة . وقدمت فرقة الدار البيضاء للموسيقي العربية حفلاً غنائياً تضمن عدة أغنيات وموشحات مغربية زينتها أغنية هذه ليلتي للشاعر الغائب الحاضر جورج جرداق. وخلال فعاليات الدورة أعلن البابطين عن تخصيص جائزة جديدة للشعراء دون سن الأربعين . وذلك تشجيعاً للشعراء الشبان . وكان البابطين قد وزع جوائز الدورة الرابعة عشرة التي فاز فيها الشاعران المصري سمير فراج واليمني أحمد الجهمي بجائزة أفضل قصيدة مناصفة . وفاز الشاعر التونسي المنصف الوهايبي بجائزة أفضل ديوان . وحصل الناقد الأردني يوسف أبو العدوس علي جائزة الإبداع النقدي في مجال الشعر. وقد تناول عدد من الأكاديميين مسيرة مؤسسة البابطين خلال الندوة التي خصصت لهذا الغرض حيث استعرض د. محمد حسن عبدالله مسيرة المؤسسة عبر خمسة وعشرين عاماً وقال إنه وجه الاهتمام في دراسته إلي عمل المؤسسة بين الجماهير العربية . ليس تقليلاً من شأن المحاور الأخري. وهذه المحاور الأخري لاتقدر علي حمل مسئوليتها إلا العصبة أولو القوة. مؤكداً أن المؤسسة كما هدفت إلي إحياء الثقافة العربية في أنشطتها كافة . كانت تعمل بوسائل هذه الثقافة وفي إطار أخلاقياتها ومبادئها وهي تدير مشروعها الجليل. وفي ورقته تناول د. عبدالله المهنا جهود المؤسسة في إحياء حوار الحضارات. مشيراً إلي قيام المؤسسة بتفعيل نشاطها في مجال حوار الحضارات من خلال التواصل الحضاري بين الشعوب والأمم فاعتمدت في استراتيجيتها الجديدة في هذا الشأن علي إقامة الندوات خارج الوطن العربي وإنشاء المراكز التي تعني بحوار الحضارات. وقال د. عبدالرحمن طنكول يكفي الاطلاع علي رصيد إنجازات المؤسسة في مختلف مجالات انشعالها ليتضح لنا أننا فعلاً أمام مؤسسة حريصة علي أن تقرأ دائما الحاضر بأعين المستقبل . وأن تنظر إلي المستقبل من منظار خبرات الماضي . كل ذلك يتم في إطار جدلية لاتترك مجالاً للارتجال ولا لأي شكل من أشكال الاضطراب في القرار والضبابية في التشخيص والتناول . فليس إذن من الغرابة في شئ أن تحظي اليوم هذه المؤسسة بسمعة لاتضاهيها فيها أية مؤسسة أخري. ورغم عدم حضوره فقد شارك د. مصطفي الضبع بكلمة عن المؤسسة مؤكداً فيها أن المؤسسة في مجملها تمثل منجزاً اجتماعياً واقتصادياً وخيرياً ومدنياً وثقافياً في آن واحد. خالقة نموذجاً يحتذي للمؤسسات القادرة علي إدارة العمل الجماهيري علي مستوي النخبة أولاً. والجمهور علي اتساع مساحة تواجده ثانياً. واعتبر الشاعر إسماعيل عقاب المؤسسة غرسة خضراء شبت ويفعت وألقت بظلالها علي شعوب العالم .وأشار د. قاسم المؤمني إلي أن المؤسسة تطاول قامتها بأنشطتها ومنجزاتها . قامات أخواتها من المؤسسات الثقافية الفاعلة في أرجاء الوطن العربي.وقال د. عبدالله بنصر العلوي إن المؤسسة بمقاصدها ومنجزاتها كانت تحقق سلوكاً ثقافياً يسير نحوالعالمية . ولم يكن حضورها في دول أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا مجرد احتفال وينتهي .. ولكنه كان حضوراً فاعلاً بلورت حيوية نشاطه الثقافي والإبداعي القيمة الثقافية العربية المضافة إلي الفعل الإنساني من خلال تمجيد القيم وإشاعة سلوك اتخذ مساره نحو ترسيخ الأسس المتينة لبناء الانسان فكراً وعاطفة وسموا. وقال الكاتب جهاد الخازن إن أجمل مافي دورات المؤسسة أنها توفر للمشاركين فرصة الاجتماع مع مفكرين عرب وشعراء وكتاب . وأحياناً سياسيين ورجال أعمال . تحت سقف واحد. فلو أراد الواحد منا أن يراهم جميعاً لكان عليه أن يسافرإلي بضع عشرة دولة. مؤكداً أن المؤسسة خط دفاع صلب عن الشعر وستبقي مابقينا. وذكر فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق أنه تابع أعمال ومنتديات مؤسسة البابطين منذ حوالي العقدين . وفي السنوات العشر الأخيرة شهدها عن كثب بالحضور أو بالمشاركة أو بالأمرين معاً . وهو يري الآن أنها تجربة رائعة في العمل الثقافي العربي . وفي العمل المدني العربي . وفي حوار الثقافات والفنون والآداب.