عندما تتوقف الصحافة عن التهريج وتمتنع عن دخول المعارك التافهة تجبر الكل علي احترامها وتوقيرها وقراءة كل كلمة تكتب باهتمام شديد ويستمع إليها صانعو القرار قبل كل خطوة تتخذ وعندما يبتعد الصحفي عن مواطن الشبهات ويتجنب دوائر الفساد يصبح له وضعية خاصة داخل المجتمعات وقد نجح بن برادلي الرئيس التنفيذي لواشنطون بوست عبر ثلاثة وعشرين سنة من رئاسته لهذه المطبوعة ان يحقق ذلك كله. توفي بن برادلي يوم الثلاثاء الماضي عن عمر يناهز الثالثة والتسعين من عمره بعد أن نجح في أن يجعل مطبوعته اكثر المطبوعات احتراما داخل وخارج الولاياتالمتحدة ونجح في رفع توزيعها الي الضعف تقريبا من 446 ألف نسخة الي 802 الف نسخة وهو الذي فجر قضية واتر جين وأجبر الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون علي الاستقالة في أغسطس عام .1974 بن برادلي الذي رحل عن عالمنا شغل منصب رئيس التحرير التنفيذي بين عامي 1968 و1991 وقد جاءه صحفي شاب في ذلك الحين يدعي بوب وودورد وكان التحق بالعمل بالجريدة منذ عام فقط يخبره بأن لديه خبطة صحفية فاستمع له وفرد له الصفحات لينشر تحقيقه عن عملية التنصت التي قام بها الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون علي عمليات الحزب الديمقراطي داخل مبني واتر جيت. لم يخضع بن برادلي للابتزاز ولم يخش السلطان نيكسون حيث كانت تجري التحقيقات في سرية كاملة فإذا به يكلف بوب وودورد وزميله كارل برنستين بالمضي قدما في عملهما البداية كانت داخل مبني واترجيت حيث لاحظ الحارس اختلاف نوعية الشريط اللاصق الذي يغطي به اقفال المبني هذا الشريط يوضع علي الأبواب بعد انتهاء الدوام يوميا ويتم وضعه من جديد كل يوم. أبلغ الحارس الشرطة التي جاءت علي الفور ووجدت داخل المبني خمسة اشخاص يزرعون اجهزة تنصت في المبني تم القاء القبض عليهم وبدأ التحقيق في 7 يونيو عام 72 ولولا بن برادلي وصحفييه الشابين ما كان أحد يعلم بسير التحقيقات التي اتسمت بالسرية العالية. عامان من التحقيقات ومن النشر إلي أن تمت ادانة الرئيس ريتشارد نيكسون بأنه وراء هذه العملية وأجبر في النهاية علي تقديم استقالته وكانت الفضيحة.