عشنا حياتنا وتربينا علي اننا نذهب المدرسة لتلقي العلم ثم نتدرج في مراحل التعليم حتي الالتحاق بالجامعة ويمنح كل واحد فينا لقب خريج.. هذا طبيب وذاك مهندس وآخر صحفي.. ومحاسب.. الخ..هذا ما تربينا عليه ونربي ابناءنا واولادنا عليه وتفرح الاسرة كل اسرة بيوم تخريج ابنها لانه اصبح يمتلك شهادة وعلماً تؤهله للوظيفة وفتح بيت كما يقولون.. ولكن. ولكن ما نشهده هذه الايام من عمليات مستمرة منذ الاطاحة بالرئيس المخلوع محمد مرسي تشير إلي ان هناك اسراً اعدت ابناءها لكي يدخلوا المدارس والجامعات ويحصلوا علي لقب خريج سجون وليس خريج جامعي. كلنا مع حرية التعبير والرأي وكلنا او معظمنا شارك وهو في الجامعة في مظاهرة او مسيرة لاعلان رأيه او موقفه في قضية قومية او وطنية او حتي اجتماعية او اقتصادية.. كانت مظاهراتنا ومسيراتنا في منتهي السلمية لم نحرق كليتنا في يوم من الايام.. لم نهاجم استاذاً او عميداً او رئيس جامعة بشكل قبيح.. لم نزرع قنبلة او نلقي حجراً او زجاجة مولوتوف.. كانت معارضتنا سلمية ومحترمة مثلما يحدث في الكثير من دول العالم.. والنتيجة اننا عبرنا عن رأينا واستكملنا مشوارنا التعليمي وتخرج كل واحد منا من الجامعة وشق طريقه وقد كانت لنا مواقفنا من النظام ولكننا كنا نفرق بين اسقاط النظام واسقاط الدولة.. بين التصحيح والهدم.. بين الاستقرار والفوضي.. بين القانون وشريعة الغاب. ان المتابع الجيد لما يحدث في الجامعات منذ العام الماضي يدرك بما لايدع مجالاً للشك ان هناك مخططاً لاثناء الجامعات عن اداء رسالتها التعليمية واننا امام نماذج جديدة من الطلبة ليست الاغلبية بالمناسبة مهمتها التحريض علي العنف والارهاب والتمويه حتي يتمكن آخرون من زرع القنابل والعبوات الناسفة لاحداث المزيد من الرعب لاجبار الطلبة علي عدم الحضور للجامعة. المتابع لما يحدث يتأكد ان ما يتم علي ارض الواقع ليس عملية التعبير عن الرأي فكلنا مع حرية الرأي ولكن عندما تمسك بزجاجة مولوتوف في يدك لايمكن لي ان اسمعك وعندما تحرق كليتك لاتنتظر مني ان اشيد بهذا العمل. اعتقد ان المشكلة لاتكمن فقط في هذه النوعية من الطلبة التي تخرج من منزلها في الصباح وهي تحمل المولوتوف والحجارة بدلاً من الادوات التي تساعدها في الدراسة في الجامعة بل المشكلة الاكبر في اسر هؤلاء الطلبة الذين لم يحسنوا تربية ابنائهم وافهامهم المغزي الحقيقي للتعليم وهو البناء والتقدم وليس الهدم والتأخر. ولكي اكون امينا فإن المسئولية لاتقع علي الاسر والابناء فقط انما المسئولية تقع ايضاً علي الدولة.. لقد قلت ومازلت اقول ولن امل من التكرار.. الكارثة بدأت يوم ان تم الغاء تدريس مادتي الدين والتربية القومية في المدارس والجامعات.. فماذا تنتظر من شباب لم يعلم شيئاً عن مكارم الاخلاق التي يحض عليها الدين والتي كنا نتعلمها منذ الصغر.. ماذا ننتظر من شباب لايعلم شيئاً عن تاريخ بلاده وكيف يعمل علي رقيها ونهضتها.. ماذا تنتظر بعد ان تركت الدولة الساحة خالية واعطت الفرصة للبعض لملء عقول الشباب بالتطرف والتفاهات لكي يتحول الشاب من خريج جامعي.. إلي خريج سجون.