علماء الأمة وأهل الفكر يقع علي عاتقهم الدور الأساسي في تربية الأبناء وبناء أجيال قادرة علي تحمل المسئولية والمساهمة في نهضة الأمة وتشييد حضارتها وقد كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يضع هؤلاء الأبناء في مقدمة اهتماماته ويتعهدهم بالعناية والرعاية ولعل أسامة بن زيد الذي تربي في كنف وبجوار سيد الخلق محمد بن عبدالله - صلي الله عليه وسلم - أفضل مثال فقد تعلم السماحة والأخلاق الكريمة والشمائل الطيبة ونتيجة التزامه بتلك القيم التي تعلمها من رسول الله - صلي الله عليه وسلم - كان أسامة يتمتع بحب رسول الله وتقديره. يقول - صلي الله عليه وسلم: أسامة من أحب الناس إلي قلبي ما حاشا فاطمة". وفي إطار تلك القواعد والمباديء كان أسامة ابن زيد في مقدمة صفوف الشباب الذين تربوا في مدرسة النبوة المحمدية وتقديراً لهذا الالتزام رشحه رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ليتولي قيادة الجيش في أحد المعارك التي كان يخوضها المسلمون في سبيل نشر دعوة الحق والدفاع عن النفس وقال - صلي الله عليه وسلم - وهو علي فراش الموت "انفدوا جيش أسامة". تنفيذاً لتوصية رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قام أبوبكر الصديق خليفة رسول الله بتجهيز الجيش وخرج في وداعه ومن المواقف التي لا تنسي في هذا المجال أن أسامة كان يركب الراحلة متصدراً قيادة جيش المسلمين بينما كان أبوبكر الخليفة الأول لرسول الله يمشي بجواره. وقد استاء أسامة لكونه يركب الراحلة في حضور الصديق رضي الله عنه ماشياً علي رجليه وحينما يهم بالنزول رافضاً هذا التصرف طالبه أبوبكر بالاستمرار في موقعه قائلاً: إنه يسعده ويشرفه أن يغبر قدميه في هذه المسيرة التي يقودها ذلك الشاب الذي تربي في بيت النبوة. ولقد كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يتعهد هؤلاء الأبناء بالعناية والاهتمام فحينما شاهد ذلك الفتي الذي يأكل بصورة لا تليق قال له بكل سماحة: "يابني سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك" آداب وتعليمات يتربي الأبناء في ظلالها فينشأون أصحاء أقوياء.. تزدهر بهم المجتمعات وترتقي. والتربية تحتاج إلي الصبر والسلوكيات الطيبة من الآباء والأمهات والقائمين علي شئون التعليم والتربية فها هو رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قد جاءه بعض الصحابة وقالوا: يارسول الله إن الشاب الذي يصلي معك يرتكب بعض المخالفات؟. معتقدين أن ذلك لا يليق بمن يصلي مع الرسول. لكن جاءت إجابة علي هؤلاء الصحابة تضع مبدأ هاماً.. قال لهم: "دعوه فإن الصلاة سوف تصلحه" وفي ذلك ينذرع الرسول بالصبر والتمهل لكي نفسح الوقت لكي يتدارك الأمر وأن الالتزام بالصلاة سوف يؤدي إلي تعديل سلوكياته. لم تمض سوي فترة قصيرة حتي جاء هؤلاء الصحابة إلي مجلس رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قائلين: إن هذا الشاب قد انصلح حاله وأصبح سلوكه معتدلاً وفي الطريق المستقيم.. وهنا قال لهم رسول الله محمد بن عبدالله - صلي الله عليه وسلم: "ألم أقل لكم إن الصلاة سوف تصلحه".. وهكذا يقع علي عاتق القائمين علي شئون التربية أن يلتزموا بالصبر والعمل الجاد من أجل تنشئة أجيال قادرة علي تحمل الأعباء والمسئوليات وبناء المجتمعات وتشييد الحضارة علي أساس من القيم الخالدة التي تميزت الأمة الإسلامية خلال مسيرتها التي ساهمت في ازدهار الحضارة الإنسانية واغترف منها أهل الشرق والغرب وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.