علي مدار السنوات الماضية وقضية البحث العلمي والنهوض به تشغل عقول القائمين علي مؤسساته المختلفة خاصة في ظل هجرة الكثير من الشباب المصري وذهابهم للخارج لاستكمال دراستهم لدرجة أن فئة لا يستهان بها فضلت العمل بالخارج لوجود المناخ والإدارة السليمة والامكانيات التي من خلالها لمعت أسماء مصرية وحققت نجاحات أبهرت العالم مما استوجب ضرورة التحرك والحفاظ علي شباب الباحثين للاستفادة من طاقاتهم وامكانياتهم والارتقاء بجميع مجالات الحياة. من هنا كان قرار انشاء أكاديمية لشباب الباحثين تضم جميع التخصصات العلمية والاجتماعية والاقتصادية المتميزة والقادرة علي الاسهام في بناء الدولة الحديثة. المتخصصون أكدوا أن الحصول علي الدكتوراه وألا تزيد السن علي 40 عاماً أهم الشروط مع ضرورة اختيار أكفأ العناصر لضمان النجاح. طالبوا بعدم تكرار الأبحاث للحفاظ علي الميزانية والبعد عن البيروقراطية والتحفيز ولضمان أن تخرج النتائج علي مستوي الجهد المبذول. أشاروا إلي أن التواصل مع رجال الصناعة والاقتصاد ضرورة لكي يتم الاستفادة من البحث العلمي بدلاً من اللجوء للاستعانة بمراكز الأبحاث الخارجية. * د. طارق حسين رئيس أكاديمية البحث العلمي سابقاً قال: في واقع الأمر أن الاهتمام بالشباب أصبح سمة وتوجهها في العالم كله وفي نفس الوقت فإن القيادة السياسية المنتخبة بعد ثورة 30 يونيو تعمل علي تشجيع واشراك الشباب في منظومة العمل في جميع المجالات لبناء دولة عصرية قادرة علي التعامل مع معطيات العصر ومثل جميع الدول التي نهضت بعد قيام ثوراتها. أضاف أن الأكاديمية حريصة علي تدعيم شباب الباحثين من الحاصلين علي الدكتوراه وبشرط أن تقل السن عن 40 عاماً وهذا المشروع سيساهم في وجود كيان لضم جميع الباحثين ليس فقط العاملين بالأكاديمية ولكن من مختلف الجهات كالمراكز البحثية والجامعات والهدف الاشتراك في عمل مشروعات وأبحاث ويقومون هم بأنفسهم بوضع استراتيجية العمل والمشروعات بل واستراتيجية وتوجه الدولة نحو المستقبل. أوضح أن الأكاديمية الجديدة سوف توفر المناخ والبيئة والإدارة الرشيدة لسياسة البحث العلمي في المرحلة القادمة من خلال الاستفادة من توصيات المؤتمر الدولي في هولندا عام 2009 والخاص بوضع رؤية لعمل شباب الباحثين والاستفادة من طاقاتهم. أشار إلي أن الأكاديمية ستضم العديد من التخصصات العلمية والإنسانية والاقتصادية وسوف يوجه جزء كبير من الميزانية والامكانيات لتنفيذ مشروعات قابلة للتنفيذ ويشترط أن يمتلك الباحث رؤية اقتصادية لمشروعه خاصة حيث نسعي للقضاء علي الانفصال بين الواقع وفكر الباحث بحيث يمكن تحقيق عائد يفيد الباحث والأكاديمية. قال أن حسن إدارة الامكانيات والتمويل سوف يقضي علي عقبة نقص الامكانيات لأنه يتم توظيف كل شيء في مكانه الصحيح. أوضح أنه ستكون هناك اجتماعات ولقاءات وتنسيق وتشاور مع أعضاء المجلس الاستشاري الذي شكله الرئيس للاستفادة من افكارهم ومشروعاتهم المستقبلية خاصة أن هذه الأكاديمية هي الأولي في المنطقة العربية وسوف يتم التواصل مع الأكاديمية الدولية لشباب العلوم التي تعمل تحت اشراف الأممالمتحدة وتعقد لقاء سنوياً في دولة من الدول ونأمل أن يعقد اجتماع في مصر يضمن اندماج شبابنا في هذه المنظومة حتي نعيد لمصر مكانتها العلمية علي مستوي العالم خاصة أنه تم اختيار أكفأ العناصر وسوف يتم سنوياً ضخ دماء جديدة للأكاديمية مما يحفز شباب الباحثين علي بذل أقصي جهد في العمل والبحث. * د. محمد فهمي طلبة نقيب العلميين قال إن تجميع الشباب من مراحل عمرية متقاربة خطوة جيدة تزيد من امكانية التواصل والتعاون وتجميع الجهود والامكانيات والخروج بأعمال بحثية تفيد الوطن فصحيح أن شباب الباحثين يعملون من خلال الجهات التي ينتمون إليها لكن فكرة التنسيق وعدم تكرار الأبحاث يقضي علي إهدار الأموال المخصصة للبحث العلمي خاصة أنها لا تتجاوز نصف في المائة من الناتج القومي وهي نسة ضئيلة جداً مقارنة بمعظم الدول المحيطة بنا. أضاف أن مشاكل البحث العلمي معروفة ومن ثم يجب أن تسعي الأكاديمية للتغلب علي هذه المشاكل بشرط أن يقوم العاملون عليها بتجهيز مقر دائم بكل الامكانيات والتجهيزات من معامل وتكنولوجيا تمكنهم من التواصل مع الغرب مثل الفيديو كونفراس ونشر الأبحاث في الدوريات العالمية حتي نخلق منافسة علي المستوي العالمي وليس المحلي فهذا ليس الهدف. أشار إلي أهمية تحفيز الشباب من خلال السفر والمشاركة في المؤتمرات العلمية الدولية وليس المشاركة من خلال قراءة الأبحاث والتوصيات وهذا هو السبيل الوحيد أمامنا وحتي يكون المجلس الاستشاري العلمي من شباب الباحثين الموجودين في مصر. نزيف العقول * د. هاني الناظر رئيس مركز البحوث سابقاً قال إنه في عام 2004 عندما كنت أتولي رئاسة المركز لاحظت نزيف العقول من شباب الباحثين الذين كانوا يذهبون للخارج للحصول علي الدكتوراه ثم تتخطفتهم الجامعات الأجنبية والمراكز البحثية ولا يعودون رغم ما تم انفاقه عليهم حيث يقدمون فكرهم وجهدهم للدول التي يعيشون فيها ومن هنا تم انشاء مشروع داخل المركز سمي الطريق إلي نوبل لتبني شباب العلماء وتم اقامة 18 معملاً في تخصصات نادرة ومهمة مثل النانو تكنولوجي والخلايا الجذعية والفيزياء والفيروسات والدواء وبدأنا ب 200 عالم شباب حاصلين علي الدكتوراه من اليابان وأمريكا وألمانيا علي اعتبار أنهم من الدول المتقدمة علمياً. أضاف أن الأكاديمية تمثل استكمالاً لهذا النهج بشرط أن تبتعد مثل تلك المشروعات عن البيروقراطية التي تقتل البحث العلمي وعندما نفذنا ذلك نجحنا في انشاء 36 معملاً ومصل انفلونزا الطيور وعلي كل مركز بحثي للشباب أن يكون هناك ربط مع الجهات الأخري وتوفير الامكانيات المادية التي تساعد علي الابداع وحوافز ومسابقات ومكافآت للشباب والتواصل مع العالم الخارجي والرعاية الصحية والاجتماعية حتي يتفرغ العالم الشاب للعمل الأكاديمي والبحثي. أشار إلي أن هذه المراكز لابد أن تمتلك استراتيجيات طويلة الأجل بحيث تستطيع تحقيق نجاح علمي وعائد مادي لتطوير العمل. أوضح أن المادة 23 من الدستور خصصت نسبة للبحث العلمي لا تقل عن 1% من الناتج القومي وتتصاعد تدريجياً حتي تتفق مع المعدلات العالمية ويجب تخصيص نسبة منها بالفعل لشباب الباحثين. تبادل المعلومات * د. وليد مرسي أستاذ الفيروسات بالمركز القومي للبحوث وعضو مركز التميز العلمي بالمركز قال أن خطوة عمل الشباب تحت مظلة معينة ومن نفس الفئة العمرية فكرة جيدة لتبادل المعلومات والاطلاع والتعاون فالبحث العلمي لا يتم العمل فيه بشكل منفرد ولكن من خلال فريق عمل يعمل بمنظومة واحدة وعلي أسس منهجية لأن البحث العلمي ليس مجرد وظيفة بل هو إبداع وقدرة علي اظهار القدرات الكامنة في الشخص. طالب بأن تكون المعامل علي درجة كبيرة من التحديث حتي يستطيع الشباب العمل ولحثهم علي عدم السفر ووجود مكان وبيئة غير مكدسة لأن التكدس يؤدي إلي التنافس السلبي. يؤكد ضرورة تحفيز رجال الصناعة والاقتصاد للتعاون مع مثل هذه المراكز خاصة إذا كان البحث العلمي قادراً علي تحديث الانتاج حيث يلجأ الكثير منهم إلي مراكز بحثية عالمية رغم القدرات التي تتمتع بها مراكزنا.