استضافة بعض نجوم الغناء مع فرقة التراث من الاحداث الفنية الهامة حيث تمثل متعة لعشاق الموسيقي العربية كما انها عامل جذب جماهيري جيد لهذه الفرقة الهامة والتي تعد الفرقة الوحيدة التي تمثل امتدادا لأسلوب الموسيقار الراحل عبدالحليم نويرة الرائد المؤسس لهذا النوع من الفرق. الحفل الأول والذي سوف نتناوله في السطور القادمة اقيم علي مسرح معهد الموسيقي العربية وكان النجم فيه ايمان البحر درويش وكان بمناسبة ذكري رحيل جده سيد درويش 17 مارس 1892 - 10 سبتمبر 1923 وقاد الفرقة المايسترو فاروق البابلي الذي قدم برنامجا جاء معظمه ملائما للفرقة من حيث القدرات والتاريخ وطبيعتها التراثية حيث قدم 14 فقرة تنوعت بين الدور والموشح والموسيقي البحتة والأغنية والأداء الفردي والجماعي كما جاءت متنوعة من حيث الملحنين ولكن غلب عليها الحان سيد درويش المحتفي به والذي قدموا من الحانه موسيقي "بشرف عربات السيكا" من مقام هزام والتي تعد من المقطوعات النادرة التي لا تعزف كثيرا والتي نفذتها الفرقة الموسيقية بدقة وتفوق مثل ادائها طوال الحفل ثم ادت الفرقة موشح "صحت وجدا" من مقام راست ثم أدي نجم الفرقة محمد شوقي طقطوقة "يا بلح زغلول" والذي جاء صوته مناسبا لها ومن الحان سيد درويش ايضا قدمت الفرقة "أنا المصري" أداء مازن عادل والذي يعد من نجوم الفرقة المتميزين كما انه يختار ما يناسب امكانياته الصوتية كما أدت هالة هشام أغنية "زوروني كل سنة مرة" أما مصطفي أحمد محفظ الفرقة وأحد تلاميذ نويرة فأنشد والله تستاهل يا قلبي. وخارج دائرة سيد درويش وفق المايسترو في اختياره سواء من حيث الألحان والأصوات التي تؤديها فقدم لنا أحمد محسن هذا الصوت المجتهد قصيدة السنباطي "إله الكون" والتي بها توظيف متميز للكورال كما استمعنا من الحان محمد فوزي لأغنية "عمري مادقت الحب" التي ادتها عزة نصر والأغنية من الرصيد الفني لعزة وتؤديها ببراعة وتصل فيها للنوت العالية التي تجيدها ولكن هذا الحفل تضمن جوهرتين اعطيتا ثقلا للبرنامج وهما اغنية "حلم" الحان زكريا احمد التي ادتها ولاء رميح التي اعادتنا فيها لصوت أم كلثوم في الثلاثينيات وتعد الوحيدة في جميع فرق الموسيقي التي يتميز نسيج صوتها بهذه الميزة ايضا كانت المتعة الكبري مع أحمد جمال الذي قدم لنا أغنية عبدالوهاب "ردي عليا" وايضا نسيج صوته وطريقة غنائه السلسة غير المتكلفة تجعله أفضل من يغني اغاني موسيقار الاجيال في فترة صباه واتعجب لماذا لا اشاهد هذا الشاب في سلسلة حفلات "وهابيات" التي تقيمها الأوبرا. البرنامج تضمن عملين بعيدين عن مفهوم التراث الذي تم الاستقرار عليه أن يمر خسمون عاما علي العمل وهي اغنية محمد رشدي "أنت مين" الحان كمال الطويل والتي اداها ياسر سليمان والذي يعد أيضا من أجمل الأصوات واقدرها علي اداء اعمال محمد عبدالمطلب ومحمد رشدي والأغنية الثانية اغنية "يا أهل الهوي" الحان بليغ حمدي والتي ادتها سارة زكي بدقة وأمانة وصوت جميل لكن أري ان هذه الشابة تمتلك قدرات صوتية كبيرة ومن الممكن ان تؤدي أغاني التراث المعقدة بدلا من حصرها في الأغاني الحديثة وبالتحديد أغاني وردة التي يتقنها معظم مطربي فرق الموسيقي العربية في الأوبرا وخارجها. أما فقرة إيمان البحر درويش فجاءت في ختام الفاصل الأول وقدمها بذكاء كبير وحضور مسرحي أكبر وكان ملتزما بما سبق وحفظه مع الفرقة حتي بعض الالحان التي اداها بطريقته الخاصة أو كما حفظها من اسطوانة جده يبدو انه اتفق مع الفرقة عليها لأنهم تجاوبوا معها بسلاسة ولم يشعر الجمهور بتناقض أو بنقص بعض اللزم التي تعودوا عليها في توزيع نويرة.. ذكاء إيمان تجلي في عدة أمور أولها انه اظهر احترامه للفرقة وللمتفرجين وانه فهم طبيعة هذا الجمهور المتخصص حيث نجده حرص ان يمهد لكل الالحان بالموال والغناء معتمدا علي صوته بدون المصاحبة الموسيقية من الفرقة الكبيرة مع اختياره ما يناسب هذا الصوت كما أنه حرص علي ان يكون هناك بعض العزف المنفرد للآلات الذي يعطي ثراء لفقرته خاصة وللحفل بشكل عام كما انه يرضي عشاق الموسيقي العربية مثل عزف آلة القانون في بداية الفقرة ومصاحبة التشيللو المنفرد مع التمهيد الذي سبق لحن "شد الحزام علي وسطك" وعزف العود الذي سبق لحن "أهو ده اللي صار". كما انه عندما تحدث عن جده استشهد بكلمات رواد عالم التلحين عن أعماله واعترافهم بفضله وكان هذا خير تكريم في ذاكراه.. اختصرت فقرة ايمان الغنائية علي الحان جده حيث قدم منها "سالمة يا سلامة" و"النوبي" و"الحلوة قامت تعجن" وغيرها من الأعمال الشهيرة التي حازت علي إعجاب الجمهور الذي أخذ يصفق معه ولا يكتفي بذلك بل يردد الالحان بديلا للكورس في تفاعل جميل. الحفل الثاني الذي أقيم في اطار استضافة الفرقة للنجوم شارك فيه الفنان محمد الحلو وهذا سوف يكون موضوعنا القادم.