أشاعت أمي أن من تلطم خديها. ستحتاج لطقوس خاصة. تزحف أسراب النسوة القاطنات إلي حجرتها طول اليوم. تجد بالكاد وقتا للطعام وإزالة الضرورة. ثم تتكئ علي الأريكة. وتبتسم ابتسامة فيلسوف: هل تشاجرت مع الزوج أم مع الأولاد لتخسري دينك؟ وهل حماتك علي قيد الحياة؟ قد تطيح إحداهن بتوقعاتها. ويتضح أنها صكت وجهها في حلم مزعج: اجعلي رأسك تجاه القبلة. الانبطاح يولد الكوابيس. النوم يكون علي الشق الأيمن. بعد أن تشبع تتلو منظومة من تأليفها. فيرددن وراءها في خشوع: "تبت ورجعت وندمت علي ما فعلت. وعزمت في قلبي عزما قويا ألا أعود أبدا.." يخرجن بصحبة الإيمان العائد نشيطات كأنهن اغتسلن في حمام ساخن! لا يضايقها شيء مثل تكرار الوجوه: هذه رابع مرة تتوبي. بعد ذلك لن يكون لك مخرج! في الخريف لم تستطع مقاومة نزلة البرد. رقدت تحت الأغطية ترتجف يضاعف آلامها رجوع الأسراب القادمة من قريب وبعيد! كان من نصيبي صرفهن: الحاجة مريضة. لا تستطيع الحركة. ينقلن أقدامهن بتردد. كأنها ستنهض. وتناديهن! تجلس. تنفض المرض. لكنه يضغط عليها. فتتهاوي. تتفحص بعينيها المترعتين بالدموع الغرفة الخاوية. عادت إحداهن علي استحياء. ووقفت حائرة. سبق أن قلت لك. الحاجة مريضة. لا استطيع دخول بيتي. أرجوك رد لي ديني! وجدتني اقتادها إلي حجرة الاستقبال.. جلست منكسرة. استعدت المنظومة. وجعلتها تردد ورائي: "تبت ورجعت وندمت علي ما فعلت. وعزمت في قلبي عزما قويا ألا أعود أبدا..." أمي بالباب. معتمدة علي عصاها في عينيها غضب عارم. وقفت لأسندها فابتعدت. هبت المرأة تعانقها وتجلسها. قالت بعنف: هل أذهب إلي المدرسة. وأدخل الفصول بدلا عنك؟ لكنك يا أمي متعبة و... اخرج! تحركت بصعوبة. وازدردت ريقي. بينما جلست متكئة. وأحضرت ابتسامة الفيلسوف: هل تشاجرت مع الزوج أم مع الأولاد لتخسري دينك؟ وهل حماتك علي قيد الحياة؟