كُنت ضيفة علي نافذتكم في مايو الماضي فأنا صاحبة "أحلام شغالة مثقفة" التي شملتموها بكرمكم وأفسحتم أمامها المجال لكي تفضفض بكل ما لديها من هموم وآمال.. فحدثتكم عن معاناتي في الطفولة وعند دخول الجامعة.. وعند الزواج وبعد الزواج.. وتوقفت عند قضيتي مع الديون التي باتت تؤرق مضجعي وما دفعني إليها.. لقد اضطررت إليها حتي لا تضيع شقة المستقبل التي من المنتظر استلامها من المحافظة قريبًًا عسي أن تجنبني سُعار السُّّكني بالإيجار الجديد الذي يستنزفتي الكثير كل أول شهر وأنا لا أملك في النهاية سوي دخلي الهزيل من نفقة "أبوالطفلين" ومعاش الشئون. باختصار عندما أظلمت الدنيا أمامي وصرتُ لا أذوق طعمًا للنوم جاءني الفرج في رمضان لأعمل مديرة منزل "شبه مقيمة" لإحدي الأسر الثرية القاطنة بالقاهرة الجديدة وبالطبع كان أول شرط لعملي لديها هو عدم إحضار الطفلين معي وهنا قررت وتحت وطأة ما أعانيه مع الدائنين إرسال البنت لأمي.. والولد إلي أبيه حتي لا تضيع مني تلك الفرصة التي أري فيها طوق نجاتي من جبل الديون الجاثم فوق صدري. ولا تتصوري كم كانت حفاوة صاحبة البيت الثرية بي عند قدومي إليها رغم أن لديها طاقمًا من الخدم من جنسيات مختلفة.. المهم أنني وفي خلال وقت قصير استطعت كسب ثقتها لما لمسته مني من إتقان للعمل ومهارة.. مثلما زدت قربا منها من كثرة حديث العاملين عن كرم أخلاقها وطيبتها.. وهو ما شجعني علي الفضفضة إليها بأزمتي مع الديون لعلها تساعدني علي الخروج منها وبالفعل وجدت منها تعاطفا كبيرا وراحت تطمئنني قائلة: "لا تحملي همًا"!! وفي تلك الأثناء اضطررت للسفر إلي الخارج فأوكلت لي مهمة إدارة شئون المنزل وعند عودتها رأت كل شيء يمضي علي أفضل ما يكون وبدلا من أن تتمسك ببقائي معها فوجئت بها تقوم بتسوية حسابي وإنهاء عملي لديها.. فأسقط في يدي وأخذت علي استحياء أذكرها بأمر ديوني فلم تعطني ردًا.. فغادرت المكان حزينة مُحبطة. وقبل العيد بيومين تلقيت منها مكالمة تطلب مني فيها الحضور إليها في أسرع وقت واليوم قبل غد.. فاستبشرت خيرًا وقلت في نفسي "أخيرًا سأودع ديوني".. وقمت علي الفور باستئجار سيارة "مخصوص" قاطعة عشرات الكيلو مترات من البحيرة وصولا للقاهرة الجديدة يحدوني الرجاء أن يجعل الله في هذه الزيارة سببا في قضاء ديوني لكن سيدة الدار ضربت بكل أحلامي عرض الحائط واكتفت باعطائي حساب "يوم شغل" وجانباً من أجرة "السكة" وفوقهما "عُلبة كعك" خرجت حزينة مكسورة.. وأنا أري كيف يستهين أمثال هؤلاء الأثرياء بحال الفقراء..!! فلم يشغل بال صاحبة البيت ما تكبدته من وقت وصحة حتي لا أتخلف عن موعدها وبقدر كرمي معها.. بقدر بخلها عليَّ وتجاهلها لما سبق ووعدتني به حين حدثتها بأمر الديون ونصحتني بألا أحمل لها همًا!! عدت إلي بلدتي يعتصرني الألم.. ومضت عليَّ أيام العيد وأنا أسأل نفسي هل أخطأت حينما علقت آمالي في حسم قضيتي مع الديون علي تلك السيدة الثرية؟!.. أم أنها هي التي حنثت في وعدها واستغلت حاجتي الشديدة للعمل لكي تتلاعب بأحلامي وفق مصلحتها فاليوم تطمئنني بأن مسألة الديون محسومة وفي الغد تكتفي بإعطائي عُلبة كعك؟!.. ولله الأمر من قبل ومن بعد. المعذبة: ن.ف.م البحيرة * المحررة: في الوقت الذي تمتنع فيه كثير من الشغالات عن الخروج للعمل في شهر رمضان مُفضلات البقاء في بيوتهن انتظارًا لما سيجود عليهن به أهل الخير من عطايا وصدقات آثرت أيتها المعذبة السعي والعمل في نهار الشهر الفضيل يحدوك الرجاء أن يكلل الله مسعاك وتحسمي قضيتك مع الديون التي أذهبت عنك النوم والراحة!! وحين لاحت أمامك فرصة العمل لدي هذه الأسرة الثرية تنامي الأمل بداخلك خاصة بعدما تناهي إلي مسامعك ما تتمتع به صاحبة الدار من خصال طيبة كريمة أقول تنامي الأمل لديك بأن الفرج قادم وهو ما شجعك علي الحديث معها في أمر ديونك فلم تعقب السيدة سوي بعبارة واحدة "لا تحملي همًا".. وهي عبارة لا يُفهم منها بالضرورة أنها ستقضي عنك ديونك بل تأتي أحيانًا في سياق تهدئة البال وأن الغد لابد وأن يكون أفضل. ولأنك غارقة في بحر الديون فقد تشبثت بتلك العبارة ورأيت فيها وعدًا قاطعًا بإنهاء مشكلتك مع الديون لذا حين جاءتك مكالمتها قبل العيد أخذتك الفرحة.. ثم كانت صدمتك حين لم تقدم صاحبة الدار إليك سوي حسابك علي ساعات عملك.. وأجرة مواصلاتك.. ولا مانع من علبة كعك لزوم العيد!! تتساءلين في النهاية هل أخطأت؟! نعم أخطأت حينما قطعت بأن هذا الأمر لن تحسمه سوي تلك السيدة أخطأت حينما لم تحسني الظن بالله فهو الرزاق والمعطي والوكيل.. فأحسني التوكل عليه وسيجعل لك من بعد الضيق فرجًا. ولمن لم يقرأ الرسالة الأولي الرجوع إلي الرابط الإليكتروني ل "أحلام شغالة مثقفة" التي تناولناها 26 مايو الماضي وهو علي النحو التالي: http://www.almessa.net.eg/main_messa.asp?v_article_id=142294