الفيلمان حاصلان علي إحدي جوائز المهرجان.. وهما بالفعل عملان متميزان ومن بين عناصر التميز أدوار الحيوانات التي تستحوذ علي اهتمام المشاهد باعتبارها عنصراً عضوياً في حبكة الفيلم. وفي توليد الإثارة. وأيضاً في العامل الإنساني الذي يبني عليه المؤلف ردود فعل المتلقي.. فيلم "لهافر" "Le Haver" للمخرج الفنلندي آكي كوريسماكي مواليد 4 أبريل 1957 حصل علي جائزة الاتحاد الدولي للنقاد "الفيبرسي" رغم أنه لا يعتمد علي أي نوع من الإبهار التكنولوجي. وإنما أساساً علي بعض واقع المدينة الفرنسية الساحلية التي تدور فيها الأحداث. ويشير عنوان الفيلم إلي اسمها. وحين أستخدم كلمة "بعث" فإنني أستعيد الأجواء الواقعية للأمكنة وللميناء. وللبيوت الصغيرة للسكان البسطاء. وللشخصيات الحية المفعمة بالحيوية والحس الإنساني. والمصداقية. وكأنها بالفعل شخصيات من لحم ودم. تجعلك ترتبط بها طوال مدة الفيلم وتتذكرها بها. بعد أن ينتهي باعتبارها نماذج بشرية ليست نمطية.. وبالذات شخصية الزوجة "ارلتي" "كاتي أوتنن" المرأة الحريصة الطيبة جداً. والمحبة لزوجها ماسح الأحذية وكلبتها "لايكا" التي تعتبر فرداً من أفراد الأسرة.. سلوك الكلبة لايكا في السياق السردي يجعلنا نتساءل عن علاقة هذا الحيوان بالممثلين خارج الشاشة. لأنها كما يعكسها الفيلم تبدو حميمية جداً ومشبعة بالمشاعر الأليفة وتصرفاتها سليمة ومتجاوبة مع الحدث. وكأنها شريكة في حياة هذه "الأسرة" التي خرجت من خيال المؤلف وليس كما يوحي الفيلم بأنها واقعية أو كأنها ضمن عمل تسجيلي. الحيوانات الأليفة منذ باكورة السينما تلعب أدواراً مدهشة ولها مدربون وتخضع لعمليات ترويض وتدريب. ويتم اختيارها بمعايير فنية.. تحدد قدرتها علي الاستجابة. وهي بالقطع من أنواع ذكية وقادرة علي "الطاعة" والتلون. وكثير من أعمال والت ديزني تعتمد علي كلاب وحيوانات حقيقية ومنها من حقق شهرة واسعة جداً مثل: الكلبة "لاسي" و"بنجي" و"توتو".. ولكن أن يشدك الحيوان إلي التعاطف معه. وفهمه من خلال أدائه "المدروس" واستجاباته العاطفية المثيرة للمشاعر مثلما فعلت "لايكا" في فيلم المخرج الفنلندي أو مثل "أوجي" "uggy" في فيلم "الفنان" "The Artiste" للمخرج مشيل هازا نافيكيوس.. أن يفعل الحيوان ذلك. إذن فإنه يستحق جائزة.. في فيلم "الفنان" الذي حصل ممثله علي جائزة أفضل ممثل. كان الكلب ضمن أكثر عناصر الفيلم تحقيقاً للمتعة والتشويق. وأكثرها إثارة.. والعلاقة بينه وبين البطل الفنان احتلت مساحة معنوية وفنية كبيرة.. ومثيرة أيضاً للدهشة حول قدرة الفنان السينمائي علي الإبداع من خلال إدارة ممثل كلب. ومن غير الممكن أن نفهم هذه العلاقة الوثيقة بين الكل وصاحبه علي الشاشة دون أن نعي أن الحيوانات الأليفة في أوروبا والغرب بصفة خاصة تحتل أيضاً مساحة عضوية في الكيان الأسري وفي الشارع يمكن للمرء أن يلاحظ بعض مظاهر هذه العلاقة. فكثير جداً من عشاق السينما المحتشدين أمام مقر المهرجان وفي شوارع المدينة تجدهم في صحبة كلابهم.. وكل المحلات الكبيرة لديها قسم خاص بالحيوانات الأليفة بدءاً من المأكل وحتي الملبس. والأدوات الخاصة ببيت الحيوان. وألعابه وأدوات زينته. وملابسه. صحيح أن هذه العادة الأوروبية انتقلت إلي كثير من البيوت المصرية الثرية لأنها كائنات مكلفة. وأنها باتت ضمن "الموضة" المستعارة بالنسبة للبعض. لكنها لم تنتقل إلي الشاشة أو إلي صناعة السينما المصرية.. هناك قسم من هذه الصناعة في الغرب خاص بالحيوانات وقائمة من الأسماء. وهناك أيضاً نجوم من بين الممثلين الحيوانات.. وعشرات من الكومبارس من الكلاب أيضاً. وجائزة "بالم دوج" "Palmdog" وهي علي غرار جائزة "Palm dor" الجائزة الكبري لمهرجان كان السينمائي الدولي وقد تأسست عام 2001 بمبادرة من الناقد السينمائي "Toby Rose" وتمنح لأحسن حيوان ممثل حقيقي أو تحريك "كارتون" والجائزة عبارة عن طوق أنيق جداً من الجلد مكتوب عليه "بالم دوج" وقد فازت بهذا الطوق الكلبة "لايكا" والكلب "Uggy" عن امتيازهما في أداء أدوارهما..