ليس شيئا غريبا ولا استثناءً ولا خارجا عن الأعراف أن تنتهج حكومة المهندس إبراهيم محلب نهج من سبقها من حكومات متعددة في تجاهل أصحاب المعاشات واعتبار هذه الفئة التي يبلغ تعدادها تسعة ملايين مواطن من سواقط المجتمع المهمشين الذين لا تعيرهم أي انتباه أو يؤنبها ضميرها رثاء لحالهم. هكذا تجاهلت الحكومات السابقة هذه الفئة ونظرت إليها نظرة دونية.. ولم لا؟! ماذا بمقدور هؤلاء المسنين الذين اشتعلت رءوسهم شيبا ووهنت عظامهم وأتت الأمراض علي البقية الباقية منهم.. أقول ماذا بمقدورهم أن يفعلوا أو يتخذوا أي إجراء يؤرق الحكومة أية حكومة أو يطرف لها عينا أو ينغص عليها عيشتها إذا رمتهم في سلة المهملات أو تركتهم فريسة للجياع من السباع؟! الحكومة تأمن جانبهم تماما.. مظاهراتهم لا تعطل عملا ولا تقطع طريقا.. وغضبهم يمكن التغلب عليه بكلمة معسولة ووعود تطير في الهواء وتذروها الرياح.. وأعذار بضيق ذات اليد لهم ولكنها كريمة ومفرطة لغيرهم. الرئيس المستشار عدلي منصور أصدر قرارا جمهورياً قبل أن يترك منصبه للرئيس المنتخب بمنح العاملين في الدولة علاوة اجتماعية قدرها 10 في المائة من المرتب اعتبارا من يوليو القادم. هذا كرم من الرئيس حتي لا يضيع حق العاملين في عملية التسليم والتسلم وليطمئنهم أنهم في سويداء القلب ومقلة العين. وأن الدولة مهما كانت مشغولة ومأزومة فإنها لا تنساهم أبدا!! كلام جميل.. وكلام معقول.. لكن أين أصحاب المعاشات يا سيادة الرئيس؟ لا ذكر لهم إطلاقا حتي ولو بمجرد وعد يطمئنهم أنهم في الذاكرة.. هل هو تجاهل مقصود أو مجرد نسيان يمكن تداركه لاحقا وتطيب خاطرهم؟ بالطبع.. الحكومة هي التي أعدت مشروع القرار الجمهوري بعلاوة العاملين وقدمته للرئيس لإصداره.. ولو كانت حريصة علي أصحاب المعاشات لأعدت القانون الخاص بهم وقدمته للرئيس مع قانون علاوة العاملين.. لكنها آثرت الصمت والتجاهل حتي تفوت فرصة التسليم والتسلم بين الرئيسين عدلي منصور وعبدالفتاح السيسي ولسان حالها يقول: "ساعتها نشوف حنعمل إيه مع الناس اللي مالهومش لزمة دول"!! وقدوتها في ذلك غير المأسوف عليه يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق الذي كان يكن كرها خبيثا لهم. هل نذكركم باجتماع المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء مع ممثلي أصحاب المعاشات بقيادة النائب السابق البدري فرغلي؟! وكيف كلف وزيرة التضامن الاجتماعي بالتنسيق مع المالية لصرف فروق العلاوات السابقة لأصحاب المعاشات؟ وأيضا الاتفاق علي صرف علاوة مجزية لا تقل عن 20 في المائة لهم؟! أين كل ذلك يا سيادة رئيس الوزراء؟! أين أموال أصحاب المعاشات التي تقدر بمئات المليارات من الجنيهات.. هذه الأموال التائهة في دروب الحكومات المتلاحقة.. أخذت أموالهم وتركتهم فريسة للسباع الجائعة.. الفقر.. والمرض.. وبؤس الحال!! 9 ملايين من الغلابة أصحاب المعاشات يرفعون أيديهم بالدعاء: "يا رب.. عليك بالظالمين".