ربما أدرك المخرج محمد علام قبل إقدامه علي التصدي لإخراج "أحدب نوتردام" رائعة الفرنسي فيكتور هوجو أن أفلاما سينمائية عديدة تناولت هذا النص منذ الأربعينيات وحتي الآن وهو ما يجعل من عمل المخرج المسرحي مهمة صعبة للغاية باعتبار أن إمكانات الوسيط الأول أكثر ثراء وجاذبية وإبهارًا. من هنا اهتم محمد علام في العرض الذي يقدمه علي مسرح الطليعة بصناعة الصورة ليس خوفا من المقارنة فحسب وإنما لإدراكه أيضا أن المسرح صورة أساسا وهو ما نجح في تحقيقه إلي حد ما. وإذا كانت موهبة محمد علام قد ظهرت في أكثر من عرض سابق فقد كانت في هذا العرض حاضرة بقوة وإن عاقها عن الانطلاق إلي آفاق أكثر عمقا شيئان أساسيان. الأول هو الإعداد الذي قام به محمود جمال والذي أدي إلي سقطات درامية غير مبررة خاصة أنه يتصدي لرواية قرأها الكثيرون أو علي الأقل شاهدوا أكثر من فيلم مأخوذا عنها.. لم يكن الإعداد علي قدر هذه الرواية المهمة. أما الشيء الثاني فهو ديكورات هبة عبدالحميد التي يبدو أن انشغالها بتصوير أجواء الكاتدرائية جعلها تغفل البحث عن وسيلة لتبرير تلك الانتقالات المكانية التي أدت إلي تشوش المشاهد وعدم إدراكه أين يدور هذا الحدث أو ذاك وحدت من احتفاء علام بالصورة. ستقول لم يبق شيء إذن وأقول لك لا. هناك ما بقي وما يمنح العرض درجة من القبول حتي الديكورات نفسها كان فيها ما تم استخدامه بشكل جيد مثل الأجراس الضخمة المتحركة وكذلك ألوان هذه الديكورات وحدوث حالة من التكامل بينها وبين ألوان الملابس وقدرة إضاءة أبوبكر الشريف علي عكس حالات السكينة والاحتدام داخل الكاتدرائية. لقد اجتهد محمد علام المخرج الموهوب حقا في تجاوز عثرات العرض واستطاع ضبط إيقاعه وتحريك ممثليه بشكل جيد وكان هؤلاء الممثلون من أهم العناصر المساهمة في إعطاء العرض نوعا من القوام ومنهم محمد الشرشابي الذي قام بدور الأب واستطاع أن يقبض علي روح تلك الشخصية المتأرجحة بين مكانتها وواجبها الديني وبين عشقها للجميلة أزميرالدا التي قامت بدورها سمر علام وإن بدت أقل حيوية مما يتطلبه دور الغجرية فائقة الجمال وأدي ماهر محمود دورفيبوس بانفعالاته الباردة المناسبة لجوهر الشخصية وهاني عبدالمعتمد في دور جرنجوار الممثل والشاعر الجوال بخفة تتناسب والشخصية وهي الخفة التي لا تنفي العمق أما ياسر عزت الذي لعب دور الأحدب فقد كان واعيا بما تعتمل به روح الأحدب من عذابات متفهما دوافعها ودعيها بذاتها فجاء أداؤه منضبطا دون مبالغة أو افتعال خاصة أن الشخصية تغري بذلك. شاهدت العرض في ثاني لياليه.. وأظن أنه بتوالي الليالي يمكنه أن يتجنب بعض المشاكل وإن كنت لا أعرف كيف سيتجنب المشكلتين الأساسيتين في الدراما والديكور. وعلي أي الأحوال فنحن أمام مخرج موهوب شاهدت له تجربتين جيدتين من قبل وأمام مجموعة ممثلين جيدين وأمام مدير شاب هو المخرج هشام عطوه الذي يحرص علي منح الفرصة لشباب المسرحيين ليقدموا اجتهاداتهم حتي لو أفلتت منهم بعض الأشياء لأن تلك طبيعة أي تجربة جديدة تسعي إلي تقديم نفسها بشكل مختلف.