في افتتاح مؤتمر إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي الذي عقد بالمنوفية. تصور البعض ممن لم يستوعبوا بعد ما حدث في مصر. أن ثمة كارثة ستحدث وتؤدي إلي تدمير المؤتمر. الكارثة التي تصوروها تمثلت في قيام عدد من أدباء ومثقفي المنوفية بتنظيم وقفة احتجاجية في مدخل الفندق الذي يستضيف المؤتمر اعتراضاً علي سوء الأوضاع الثقافية في المحافظة. وإعدادهم فيلما تسجيليا يوضح هذا السوء. وإصرارهم علي عرضه في حفل الافتتاح. وكذلك قيام من يمثلهم بإلقاء كلمة يحدد فيها مطالب المثقفين. ربما لو حدث ذلك قبل الثورة لتكهربت الأجواء ونشطت الجهات الأمنية لفض هذه الوقفة والقبض علي منظميها. لكن لأن الدنيا تغيرت فقد استوعب محافظ المنوفية د. أشرف هلال الأمر. وكذلك الشاعر سعد عبدالرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة. وسمحا بالوقفة. أو بمعني أدق شجعاها. وحرصا علي لقاء هؤلاء المثقفين الثائرين قبل الجلسة الافتتاحية. واستجابا لطلبهم بعرض الفيلم التسجيلي وإلقاء الكلمة. ومرت المسألة في هدوء ولم تحدث الكارثة التي توقعها من لا يزالون يعيشون في الماضي. مطالب المثقفين تمثلت في ضرورة الانتهاء من ترميم وتطوير قصر الثقافة بشبين الكوم. وإعادة النظر في اختيار قيادات الثقافة في المحافظة. المحافظ د. أشرف هلال قال إنه قام في الأسبوع الأول لتوليه منصبه. بزيارة قصر الثقافة وحزن لما شاهده هناك. وعندما فتح ملفات القصر وجد أن الميزانية المخصصة له هي 20 مليون جنيه. وأن ما دفع منها 3 ملايين فقط. وأكد انه أصدر قرارا بتحويل مقر الحزب الوطني القريب من القصر إلي مركز للإبداع. كما أعلن عن إنشاء فرع لاتحاد الكتاب بالمحافظة. من جانبه أعلن الشاعر سعد عبدالرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة تضامنه مع مطالب شباب الملتقي الثقافي الحر بالمنوفية التي وصفها بأنها مطالب مشروعة. وأوضح ان المشكلة المتعلقة بقصر ثقافة شبين الكوم موجودة في كثير من العمليات الانشائية علي مستوي الجمهورية مؤكداً انه لن يداري علي أي فساد في الهيئة وسوف يتصدي له بكل قوة. وفيما يتعلق بإعادة النظر في القيادات الثقافية بالمنوفية قال إن هناك خطة لإعادة النظر في اختيار القيادات علي مستوي الهيئة كلها في محاولة لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب. فما يشتكي منه أدباء المنوفية يشتكي منه الأدباء في كل أنحاء مصر. اعترف سعد عبدالرحمن بأن هناك مواقع كبيرة وضخمة لا تقدم شيئاً. في حين أن هناك مواقع صغيرة عبارة عن شقة حجرتين تقدم ما هو أفضل وأهم من الصروح الضخمة لأنها تضم عقولا وكوادر ثقافية تستطيع أن تصنع نشاطا ثقافيا جادا. مشددا علي ضرورة أن تغير قصور الثقافة من أدائها. جلسة افتتاح المؤتمر حضرها إلي جانب المحافظ ورئيس الهيئة الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي رئيس المؤتمر الذي ألقي كلمة بليغة ومؤثرة عن رحلته مع الأدب التي بدأت من المنوفية. وحضرتها كذلك المخرجة إجلال هاشم رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي. والشاعر صبري عبدالرحمن أمين عام المؤتمر. وتم خلالها تكريم الروائي محمود عوض عبدالعال "الإسكندرية" والشاعر مصطفي سليم "المنوفية" واسم الراحل سعيد عثمان مدير عام الفرع الثقافي بالمنوفية السابق. المؤتمر الذي عقد تحت عنوان "أدب الإقليم وثقافة العصر" تضمن العديد من الجلسات البحثية والأمسيات الشعرية.. تحدث د. حامد أبو أحمد في الجلسة الأولي مؤكداً ان الإبداع الحقيقي يمكن أن يتحقق في أحلك الظروف وأشدها قتامة ومأساوية طالما وجدت الموهبة. علي العكس مما يحدث في مجال العلم والتكنولوجيا. لان هذين الحقلين يحتاجان دائما إلي التخطيط والتفكير. وكذلك الدعم من جانب الدولة. وإذا لم يتوافر ذلك يكون من المستحيل بناء قاعدة علمية أو تكنولوجية. وفي الجلسة البحثية الثانية تحدث الأديب محمد العزوني عن "لقطات من المشهد الروائي في غرب ووسط الدلتا" مؤكداً ان الرواية الآن لا شكل محدداً لها وانها فن مفتوح. ولذا فهي متجددة دوماً كتجدد الحياة ومتطورة دائماً كتطورها. ولذا فقد استطاعت ارواية عبر تاريخها أن تستوعب بداخلها كافة الأنواع الأدبية. كما استطاعت الاستفادة من منجزات الفنون الأخري من نحت وتصوير وسينما وغيرها من الفنون. المسرح والقصة القصيرة كان عنوان الجلسة البحثية الثالثة قدمت د. عزة الملط بحثا عن مسرح الإقليم بين الواقع والمثال أشارت فيه إلي أن من بين العديد من المسرحيات التي أبدعها كتاب المسرح في الإقليم تبرز الأعمال التي تمثل عطاء مستنيرا يرسخ مقولة ان المسرح سبيل الرقي الثقافي والحضاري للأمة. متناولة أمثلة من المسرحيات التي شهدت رواجا من حيث النص والعرض. منها: "قبل رحيل الدرويش" لمحمد حمدي. "أنا الملك" لشريف محيي الدين. "السوط الخفي" لمحمد نظمي. ومجموعة مسرحيات شعرية لأبوالسعود سلامة. تحدث د. شريف الجيار عن واقع القصة القصيرة في الإقليم مؤكدا ان القصة اليوم كغيرها من الأنواع السردية الأخري تمثل ممارسة نصية هدفها التصدي لقضايا عصرها. والتفاعل معها عبر طرح رؤي فنية لرصد هموم الواقع المعيش وانعكاسها علي الإنسان البسيط الذي يبحث دائما عن حلمه في واقع يفتقد إلي العدالة الاجتماعية والسياسية فهو واقع ضبابي بائس. يتحول عبر الخطاب السردي من هامشية الواقع المعاش إلي مركزية المتن الفني بكل آلياته السردية وتقنياته الفنية.. وتناول د. شريف الجيار عدة نماذج مثل "المائدة" لعزت أبوريه. و"في انتظار القادم" لمحمد عطية محمود وغيرها. الجلسة الختامية تضمنت شهادات للأدباء: إيهاب الورداني. عبدالرحمن البجاوي. عبدالقادر طريف. مصطفي نصر. وبعد ذلك ألقي الشاعر صبري عبدالرحمن أمين عام المؤتمر التوصيات التي أكدت دعم الأدباء وتأييدهم التام لثورة 25 يناير وكذلك الثورات العربية كافة. ودعم القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة. فضلا عن الرفض التام لكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني. وتبني المؤتمر لمشروع الدولة المدنية التي تقوم علي عدم التفريق بين المواطنين بسبب العرق أو الدين أو الجنس.