في الخمسينيات من القرن الماضي. حاولت حكومة الثورة أن تجاوز ما اعتمدته مناهج التعليم من أن مصر دولة زراعية. ورغم النتائج السلبية التي انعكست علي الحياة في امتداد ما يقرب من ستة وعشرين كيلو متراً. بين القاهرة وحلوان. بل وفي حلوان ذاتها من خلال عشرات المصانع التي عاني الناس ما نتج عنها من أمراض بيئية كالتدرن الرئوي وغيره من أمراض الصدر. رغم تلك النتائج. فإن عبدالناصر أخلي وجهه للفرحة - ربما لأن النتائج الكاملة لم تكن قد اتضحت بعد - وهو يتحدث عن الألف مصنع التي أضافتها الثورة إلي الصناعة المصرية. وجدد أمله أن تبدأ الصناعة بالأبرة ولا تنتهي بالصاروخ. شاهدت بواكير إنتاج الثورة من السيارة الخاصة. أسمها رمسيس. كان يقودها - باعتزاز صديقي الأديب والمستشار الراحل نعيم عطية. لم يشغله ما كانت تعانيه من مظهر بائس. يذكرك بتوك توك هذه الأيام وإن كان من حق التوك توك أن يتباهي بجودة صناعته. وما يضفيه عليه أصحابه من تعاليق وزينة. لجأ المهندس عادل جزارين إلي شركة فيات الإيطالية. ملأ الشوارع بأنواع من منتجات الشركة. بعد أن أعيد تركيبها تحت اسم شركة النصر لصناعة السيارات. لكن المشروع تضاءل تأثيره في زحام السيارات الكورية واليابانية. فلهما الغلبة الآن - كما تري - في شوارع مصر. أراد المهندس إبراهيم محلب أن يعيد مشروع السيارة المصرية. لم يلجأ إلي الامكانات الفقيرة التي صنعت السيارة رمسيس. ولا اكتفي بمجرد التجميع كما فعل جزارين في السيارات الإيطالية. لكنه حدد نسبة في تكوين السيارة. تكاد تبلغ النصف. واستثني الموتور بالطبع. وهو ما يمثل تحدياً كبيراً للصناعة المصرية. اللافت في عملية إنتاج السيارة الجديدة أنها ذات دفع رباعي. مشروع طموح. لكنه يبتعد عن عامة المواطنين أو ذوي الدخول المحدودة. اختيار المهندس محلب لشركات عالمية في عملية تصنيع السيارة الجديدة. قد يضع مصر في موقع متقدم علي خارطة العالم الاقتصادية. لكنه ربما لبي احتياجات قطاع صغير من المواطنين. يمتلك القدرة الشرائية التي تعينه علي شراء الأنواع المرتفعة السعر من السيارات. بينما يكتم المواطن العادي طموحه في أن يمتلك سيارة شخصية. أجد في النقل العام حلاً مناسباً لزحام الشوارع. لكن قصر إنتاج السيارة الخاصة علي قطاع محدود من المواطنين قد يجعل العدالة الاجتماعية - في تقدير مواطنين آخرين - أمنية غالية.