أتفق وأختلف مع وزير الداخلية حول الحل الأمثل لمواجهة الفتنة الطائفية. أتفق معه في ضرورة إبعاد الشرطة عن التعامل مع هذه المشكلة لأن الشرطة جهاز أمني يختص بحل المشاكل الأمنية. ولا يجب الزج بها كما كان يفعل النظام السابق في قضايا حساسة ليست من اختصاصها مثل بناء المساجد والكنائس. مما وضعها في مواجهة مباشرة وعدائية مع الناس. وكان ذلك أحد أسباب إثارة كراهيتهم لها. ولا أتفق معه في أن الفتنة مشكلة يجب علي الساسة التعامل معها وحلها. رأيي الشخصي أن الحل لا هو أمني ولا هو سياسي.. بل قانوني.. وكلما تم تفعيل القانون بشدة وحسم وحزم وتمت محاكمة المتهمين بسرعة وإعلان الأحكام مهما كانت قسوتها وأياً كانت النتائج المترتبة عليها دون تردد.. وأدنا الفتنة في مهدها. أو حسرناها في أضيق نطاق لها تمهيداً للقضاء عليها تماماً. * * * إن الفتنة التي تنفجر في وجهنا في أي وقت وغالباً دون أسباب منطقية تكشف فصلاً صارخاً من فصول المؤامرة التي تتعرض لها مصر. المؤامرة هنا مثل الأواني المستطرقة.. الكل له اتصال بالكل بشكل أو بآخر.. يتأثر به ويؤثر فيه. الفتنة لها اتصال وثيق بالغياب الأمني.. وبانتشار البلطجية والهاربين من السجون والأقسام الذين يتجاوز عددهم 100 ألف بلطجي وهارب يستخدمهم أصحاب المصالح بدوافع سياسية أو دينية متطرفة.. وبظهور هذا الكم الرهيب من السلاح الناري الذي يحمله الكثيرون علانية بلا خوف أو حياء كأمر واقع في العديد من المناطق الشعبية والعشوائية.. وبالاعتصامات والوقفات الاحتجاجية والمطالب الفئوية.. وبحالة الانفلات وعدم الانضباط في الشوارع ومعظم مؤسسات الدولة.. وبتدني الحالة الاقتصادية للبلاد وقرب نفاد مخزون السلع الأساسية وبالتالي إما أن يستمر السحب من الرصيد الاستراتيجي بالبنك الأهلي أو الاقتراض من الخارج. ووضع رقابنا تحت مقصلة الدول أو صندوق النقد الدولي. أو اندلاع ثورة الجياع.. لتكتمل المؤامرة.. وينتهي الأمر إلي حرب أهلية وتقسيم البلاد بالشكل الذي حدده بوش الابن. وأعلنته وزيرة خارجيته كونداليزا رايس. وفوضتها الخلاقة. وبدأ باراك أوباما في تطبيقه فعلاً. لست سوداوي النظرة. بل واقعياً جداً.. حيث أستقرئ الواقع الذي نعيشه. ونغوص فيه عمداً. أو إهمالاً. أو تواكلاً. أو تغييباً. * * * ليست صدفة أبداً أن نظل سنتين ندور في قصة وهمية اسمها كاميليا شحاتة تحت شعار "أريد أختي".. ولا أدري: أختك منين يا أخ؟!.. وكأنها سيدة مقطوعة من شجرة بلا زوج وابن وأهل. وليست صدفة أبداً أنه بمجرد كشف زيف هذه القصة تخرج علينا وفي نفس الليلة حدوتة قذرة اسمها عبير علي ذمة رجل مسيحي وتهرب منه لتتزوج من آخر مسلم.. ثم تُحرَق إمبابة بسببها! وليست صدفة أبداً أن يتم تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية ثم حرق كنيسة الشهيدين بقرية صول بأطفيح. ثم أحداث إمبابة المخزية.. وبعد كل جريمة تحدث اضطرابات واعتصامات ويتأجج الشارع باشتباكات يسقط فيها ضحايا. وليست صدفة أبداً أن يعتصم الأقباط عشرة أيام أمام ماسبيرو وهذا حقهم مثلما هو حق الجميع .. وعندما أعلنوا عن نيتهم فض الاعتصام والعودة إلي منازلهم بعد تلبية مطالبهم تقع أحداث عين شمس لمنعهم من فض الاعتصام.. فيستمر الاعتصام فعلاً وفي نفس الوقت يعتصم السلفيون أمام كنيسة العذراء لمنع فتحها!! هناك أناس ينفخون في نار الفتنة.. فهي وقود المؤامرة كلها ورأسها وذيلها وعامودها الفقري. ولا ندري ماذا سيحدث اليوم أو غداً.. فكله مخطط له.. ونحن ننتظر فقط. ننظر إلي مشهد مؤسف. وننتظر كارثة ساحقة. ماحقة. لن تبقي ولن تذر. * * * من هنا.. فإنني أرفض الحلول الأمنية لأنها تزيد الموقف اشتعالاً. وأرفض الحلول "السياسية" إذ ماذا يفعل مثلاً رئيس الوزراء مع شائعة عن تحويل مصنع إلي كنيسة يتدخل فيها متطرفون مسلمون وأقباط. يحولون الشائعة إلي فتنة طائفية. وفوضي في الشارع. وأرفض الحلول "الدعوية" فلا الشيوخ يُصلحون شيئاً. ولا القساوسة يغيرون أمراً. الحل الأمثل لابد أن يكون قانونياً.. مصنع يعني مصنعاً. وكنيسة يعني كنيسة. ومسجد يعني مسجداً.. وهكذا.. ومن يخرج علي القانون يحاسب. ومن يتسبب في فتنة يحاكم ويعاقب. ولو بالإعدام.. وكله بالقانون. * * * نعم.. لابد من احترام رأي وحرية الناس.. لكن لابد أيضاً أن يحترم الناس الدولة والشارع. من حق الجميع أن يتظاهروا ويعتصموا سلمياً ولمدة محدودة ولأسباب حقيقية ومطالب منطقية. ومن حق المجتمع عليهم أن يكون تظاهرهم واعتصامهم في مكان محدد دون تخريب أو اعتداء علي الأرواح والممتلكات العامة والخاصة أو تعطيل مصالح العباد.. يجب أن يعطوا الطريق حقه. لو طبقنا القانون كما يجب أن يكون فلن نجد أي مشكلة. ولو كل مواطن علم ما له وما عليه. ولم يتجاوز ذلك.. لأراح واستراح. لكن.. لأن هناك مؤامرة فعلاً علي مصر.. نجد ما نراه الآن وسنراه غداً. أرجوكم.. طبقوا القانون.. وليكن ما يكون.