اصبح الزحام واحدة من أخطر المشاكل التي تواجه مصر وعلي قادتها البدء فورا في التفكير بحلها قبل أن تصبح مستحيلة علي الحل فالزحام يكاد أن يوقف الحياة في القاهرة بعد أن اختصرت الحكومات المتعاقبة منذ قيام ثورة 23 يوليو 1952 مصر +كلها بمحافظاتها المختلفة وبياناتها المتنوعة ومحاصيلها ومناخها المختلف في محافظة واحدة فاصبحت القاهرة تقريبا هي مصر كلها واصبحت الهجرة الداخلية والارتحال من الوجه البحري أو الوجه القبلي أمراً يحدث وكأنه حق لا يمكن التنازل عنه فتحولت محافظات الصعيد إلي محافظات شبه خالية من سكانها تعاني من نقص الخدمات ومن نقص العمالة ومن توقف أو تجمد حركة التنمية تماما بعد أن اصبحت كل مؤسسات مصر وجامعتها في القاهرة فقط وأقصد بها القاهرة الكبري التي تضم الجيزة وجزءا من القليوبية بسبب تواصلها والتحاقها مع القاهرة. الزحام يصبح أكبر معوق لأية عملية تنمية قد يتم التفكير بها مستقبلا فالمواصلات بطيئة والشوارع لم تعد تتسع لانتظار السيارات الخاصة والبلطجية سيطرونا علي الشوارع وجعلوها مواقف ملكا لهم وكل سيارة تدفع "5 جنيهات انتظار" تذهب لجيب البلطجي الذي يطور مزاجه تبعا لدخله لينتقل من البانجو إلي الهيروين فالدخل عال ولا يتوقف والشرطة غائبة والمحافظة لا تستفيد من أماكن الانتظار والأرصفة أيضا أصبحت محتلة من الباعة الجائلين وغيرهم. المرافق التي كانت معدة لخدمة مليونين أو ثلاثة ملايين من سكان العاصمة اصبح عليها أن تتحمل حركة ما يزيد علي 45 مليوناً يعيشون علي أرض القاهرة ويستخدمون نفس المرافق ولذا فقد أصبح من الطبيعي أن تنحدر الخدمات وتنهار المرافق وتضرب المجاري وتنتشر الزبالة وتكثر حوادث التصادم. مصر مساحتها تزيد عن مليون كيلو متر مربع نعيش نحن علي مساحة 5% فقط من الأرض ولا نقدم انتاجاً حقيقياً واصبحت النسبة الأعظم تعمل في الأعمال الخدمية التي لا تضيف ناتجا حقيقيا للدولة لذا كان من الطبيعي وقوع الغلاء الصعيد بكامله أصبح طاردا لسكانه.. وفرص العمل في الوجه البحري نادرة لذا لا تتعجبوا إذا أصبح عدد سكان القاهرة بعد عشرات سنوات 50 مليون مواطن.