باليه "دون كيشوت" الذي يعرض حاليا علي المسرح الكبير من الأحداث الهامة لأنه يمثل استعادة جيدة للأعمال العالمية ذات القيمة الفنية العالية التي سبق ان قدمتها فرقتنا القومية.. ودون كيشوت يعد أول باليه عالمي كامل أنتجته فرقة باليه القاهرة بعد انتقالها إلي دار الأوبرا وكان ذلك عام 1991 بمصاحبة أوركسترا القاهرة السيمفوني وبقيادة المايسترو أحمد الصعيدي ثم أعيد تقديمه في شهر مارس عام 1995 بمصاحبة أوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو طه ناجي ثم بعد ذلك اختفي تماما من علي خريطة برامج الفرقة ثم تم تقديمه من خلال فرقة باليه كوبا الوطني أثناد زيارتها للقاهرة عام 2008 وكان برؤية للفنانة الشهيرة "أليسيا ألونسو" والتي كانت بمصاحبة الفرقة وكان ذلك من الأحداث الفنية الثقافية الهامة التي تحسب للراحل عبدالمنعم كامل الذي يعود له الفضل في استقدام أهم الفرق والشخصيات العالمية ليشاهدها الجمهور المصري. وباليه "دون كيشوت" تصميم ماريوس باتيبا "1818 1910" وموسيقي لودفيج مينكوس "1826 1917" ومأخوذ عن رواية "دون كيشوت من لامنشا" للأديب الأسباني ميجيل دي سرفانتس "1547 1616" وقدم لأول مرة في 14 ديسمبر عام 1869 لفرقة البولشوي علي المسرح الملكي ثم أعيد برؤية لألكسندر جورسكي عام 1900 علي مسرح البولشوي بموسكو وهي النسخة الأكثر انتشارا في كل بلدان العالم والتي استعان بها أيضا عبدالمنعم كامل كمرجعية في هذا العرض وقدم لنا نسخة منقحة جميلة ومختصرة وتتضمن أهم الرقصات الشهيرة في هذا العمل والتي تمثل حجر أساس في الباليه الكلاسيكي ويتم تدرسيها في كل أكاديميات الباليه. وباليه هذا العام اشرفت علي اعادة انتاجه أرمينيا كامل المديرة الحالية لفرقة باليه أوبرا القاهرة والتي كانت لعبت دور البطولة في عروضه الأولي ويقدم بمصاحبة أوركسترا الأوبرا بقيادة المايسترو ناير ناجي والذي يقوده للمرة الأولي. الباليه من ثلاثة فصول وتدور أحداثه حول "دون كيشوت" الفارس النبيل غريب الأطوار الذي يحلم بحبيبته دوليسنا حيث يطلب من خادمه سانشو الاستعداد للقيام برحلة طويلة للبحث عنها واثبات بطولته الزائفة واثناء الرحلة يلتقي بالفتاة كيتري والفتي الفقير بازيل ويلجآن له لمساعدتهما في الزواج رغم رفض لورينز والد الفتاة وتتوالي الأحداث وينجح دون كيشوت في اقناع الوالد بالموافقة علي زواج كيتري وبازيل ثم يواصل رحلته للبحث عن حبيبته دولسينا. الباليه رغم انه كان باكورة انتاج الفرقة الا انه يعد من أنضج الباليهات وتم الاعداد له بشكل جيد وقد نجحت الفرقة والأوركسترا المصاحب لها بقيادة المايسترو ناير ناجي ان يحققا كل مميزات هذا العمل الكلاسيكي من موسيقي ايقاعية مرحة تغلب علي ألحانها البساطة وتتسم بلمحات اسبانية اعطته تميزا وتلوينا اوركسترليا براقا وثريا ومن التنوع في الرقص باشكاله ومفرداته التي تضمنت معظم الحركات الكلاسيكية الشهيرة من الرقص الدائري علي قدم واحدة ورعشة القدم وحمل البطلة و غيرها ايضا بها استلهامات اسبانية وواقعية من الرقص بالأحذية في بعض المشاهد واستخدام المراوح والقماش وبالتحديد في رقصة مصارعي الثيران ومن أهم ميزات هذا العمل تنوع وتعدد البطولات والرقصات الفردية والثنائية التي دائما تكون فقرات ثابتة في حفلات المنوعات "الجالا" الفرقة بادائها مثار للفخر لقد كان الراقصون والراقصات علي مستوي احترافي جيد وقد اتيح له رؤية ليلة الافتتاح فقط واستمتعنا بكل من بطلي العرض آنيا هسين التي لعبت دور كيتري وأحمد يحيي الذي لعب دور بازيل في رقصاتهما الثنائية خاصة الرقصة الشهيرة في الفصل الثالث أو في رقص كل منهما الفردي ايضا تفوقت سحر حلمي التي قامت بدورين الراقصة المتجولة والأسبانية مرسيدس وسحر تعد من الشخصيات التي تتميز بالأدوار ذات الشخصية المميزة وجاء دورها مناسبا خاصة انها ذات شكل اسباني أما حركاتها فكانت علي درجة عالية من الاحتراف والجمال والتعبيرية التي تعد من سمات هذا العمل من الراقصين المتميزين أحمد نبيل الذي لعب دور مصارع الثيران الذي كان اختياره موفقا لهذا الدور واعترف ان الجميع في رقصاتهم الفردية والجماعية قدموا عرضا متفوقا وممتعا واعتذر لعدم ذكر اسمائهم لضيق المساحة أما الناحية التمثيلية الايمائية التي تميز باليهات القرن التاسع عشر عامة وهذا البالية خاصة فقد نجح فيها أفراد الفرقة خاصة من أقتصرت أدوارهم علي هذا الجانب مثل عصام عزت ومراد عثمانوف وفاروق الشريف وأحمد إبراهيم.. وبشكل عام هذا الرقص الجميل دائما يكون وراءه تدريب جيد ولهذا الثناء يكون من نصيب مجدي صابر ولمياء زايد وشريف بهادر وغرينا بروكوبينكو والكسندر كرينيوك وآلا تشفليوفا ولكن بقي سؤال لماذا طوال هذه المدة لم يتم عمل كوادر مصرية لدور "كيتري" الذي يعد من الأدوار الصعبة رغم ان الفرقة نجحت في خلق كوادر للراقصين الرجال!! من أهم ايجابيات العمل تصميم الملابس وتنفيذها وأيضا اضاءة ياسر شعلان خاصة ان دورها كان أساسيا لتعويض عدم التنوع في الديكور الذي كان ثابتا طوال العرض ماعدا في مشهد الحلم..و اخيرا عمل جميل وعودة حميدة للكلاسيكيات وفي انتظار احياء للباليهات الهامة في رصيد الفرقة وأيضا انتاج أعمال جديدة عالمية ومحلية.