المؤلف الموسيقي د. راجح داود طل علينا مرة أخري من دار الأوبرا المصرية وقدم مؤلفاته علي المسرح الكبير وذلك بعد النجاح الذي أحرزه في حفله الأول الذي أقيم بمصاحبة أوركسترا مكتبة الاسكندرية واستمعنا من خلاله إلي مجموعة من مؤلفاته التي أبدعها كموسيقي تصويرية لبعض الأفلام الشهيرة والذي حاز علي جوائز عن معظمها ولكن هذه المرة كان مع أوركسترا حجرة خاص به تكون من 22 عازفا كما أنه أضاف بعض الأعمال الجديدة التي أبدعها خصيصا لهذه السهرة. الحفل شارك فيه بالعزف المنفرد 6 عازفين ولكن القاسم المشترك في الحفلين كانت رئيسة الأوبرا د. إيناس عبد الدايم التي دائما لها جمهور خاص يسعي وراء حفلاتها ويعشق أسلوبها في العزف وقد أدت هنا نصف مقطوعات هذا البرنامج بأدائها العلمي وحسها الشرقي الذي يميزها عن باقي العازفين في العالم. د. راجح أستاذ قسم التأليف بالكونسرفتوار ورئيس لجنة الموسيقي بالأوبرا والبالية بالمجلس الأعلي للثقافة وكانت مؤلفاته للموسيقي التصويرية للأفلام وراء شهرته حيث اتسعت قاعدته الجماهيرية بعشاق السينما بالإضافة لمحبي الموسيقي وأسلوبه يعتمد علي الموسيقي الحية التي يؤديها العازفون ولهذا تقديمها علي المسرح لا يتطلب إعداد جديد عكس من يؤلفون بواسطة الأجهزة الألكترونية تحتوي علي نغمات كل الآلات.. لمسة وفاء برنامج الحفل تتضمن عشر مقطوعات بدأت بمقطوعة "وشوشة الورد" التي يؤديها الأوركسترا الوتري وتمثل لمسة وفاء حيث إنها مهداة إلي روح فنان الديكور الراحل صلاح مرعي وكتبها راجح عقب وفاته .. أما الختام فكان مع مقطوعة جديدة يتم تقديمها لأول مرة عبارة عن ابتهال ودعاء لصوت غنائي مع اوركسترا حجرة وأدي الابتهال المطرب السكندري أحمد زكي والعمل به عزف منفرد لكل من عازف الأبروا مصطفي العزربي وعازف الناي هاني البدري والعازفان شاوكا في مقطوعات أخري من البرنامج. والمقطوعة تمثل توليفة جديدة تجمع بين الغناء الصوفي والأوركسترا أبدعها راجح ببساطة تلائم المتلقي في مصر ولهذا كانت مثار إعجاب وأكدت أن الموسيقي لغة كل الشعوب.. وبين البداية والختام كانت هناك مجموعة متنوعة نجح راجح في اختيارها منها مقطوعة تمثل التوليفات المبتكرة التي كانت وراء نجاحه "باسكاليا" للعود والأرغن مع الأوركسترا الوتري" من الفيلم الشهير "الكيت كات" والتي تمثل نضجا حقيقا في التناول الموسيقي رغم أنها من أول أعماله في مجال الموسيقي التصويرية وشارك في عزف المقطوعة عازف العود محمود عبد الفتاح الأستاذ بالمعهد العالي للموسيقي العربية وعازف "الأرغن" محمد صالح وقيمة العمل من الناحية الموسيقية أنه لأول مرة علي المستوي العالمي تم استخدام آلة العود مع الأوركسترا الوتري وآلة الأرغن مما أحدث اندماجاً صوتياً جيداً ورنيناً نغمياً جديداً وغير مألوف علي الموسيقي العالمية كما أنه لأول مرة في السينما يتم توظيف العناصر الثلاثة في التعبير عن الأحداث مما جعلها موسيقي متميزة اكتسبت شهرة تستحقها. من روائع البرنامج أيضا مقطوعة "تقاسيم للفلوت والأوركسترا الوتري من فيلم الراعي والنساء" وفيها الأوركسترا الوتري مجرد خلفية تعطي عمقاً للحن الواحد الذي يتنوع علي آلة الفلوت الذي تعزفه إيناس ببراعة والتي يتضح أيضا في مقطوعة نزهة لآلتي الفلوت والقانون مع الأوركسترا الوتري" ولكن هنا نجد الدور الأكبر لآلة القانون التي تتحمل العبء اللحن الأساسي وينبع منها الاحساس بمصرية الأنغام وقد عزف عليها العازف المتميز صابر عبد الستار .. أما المقطوعة "حوار للفيولينة ؤآلتي الناي والقانون" والتي تتحاور فيها الآلات الثلاثةمع الأوركسترا في مباراة موسيقية جميلة كانت فرصة يتعرف فيها الجمهور علي عازف الكمان المتميز حسام شحاته.. إسلمي يا مصر من أهم فقرات البرنامج أيضا مقطوعة راجح التي كتبها عقب الثورة بعنوان "إلي شهداء 25 يناير" وهي مقطوعة تعتمد علي آلة الفلوت المنفردة لكن هنا نلمس توظيفاً جيداً لمجموعات الأوركسترا الوتري الغليظة والمتوسطة والمنخفضة كما أن هناك استلهاما لتيمة النشيد المصري الشهير "اسلمي يا مصر" ألحان صفر علي والذي كان السلام الملكي لمصر قبل ثورة يوليو .. وقد ضجت الصالة بالتصفيق عقب هذه المقطوعة الجميلة وكأنهم يصفقون لكل الموسيقات الثورية.