ما نشرته صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن مخاوف تل أبيب من صفقة الأسلحة الروسية المرتقبة لمصر لا يعبر إلا عن مخاوف الولاياتالمتحدة نفسها من التقارب المصري الروسي. فالصحيفة نشرت دراسة أعدها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني حول مساعي مصر للحصول علي نظام الدفاع الجوي المتطور "إس 300" والطائرات المقاتلة "ميج 29" وصواريخ "كورنيت" المضادة للدبابات وهي السلاح الذي تم استخدامه بنجاح خلال حرب لبنان الثانية عام .2006 حذرت الصحيفة من أن إتمام صفقة كهذه من شأنه تقويض معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل لأنها ستضمن لمصر تفوقاً نوعياً في السلاح علي إسرائيل. ونحن بدورنا نسأل : ولماذا لم تعترض مصر أو تتحدث عن معاهدة كامب ديفيد عند حصول إسرائيل علي الطائرة "إف 15" الهجومية والدفاعية في الوقت نفسه بينما لم يكن عندنا إلا الأجيال القديمة من ال "إف 16" الهجومية فقط؟ ولماذا لم تعترض مصر عام 2010 عندما كانت إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم بعد أمريكا التي حصلت علي المقاتلة المرعبة "إف 22" التي قال عنها البنتاجون الأمريكي إن من يحاول مواجهتها لن يكرر المحاولة مرة اخري؟! أعتقد أن الخوف الأمريكي والإسرائيلي ليس من هذه الصفقة المنتظرة ولكن كل خوفهم من حصول مصر علي ما هو أخطر من ترسانة الأسلحة الروسية ومنها الطائرة "سوخوي 37" التي تتفوق علي "إف 22" الأمريكية. خاصة أن السوخوي 37 لها جناحان ممتدان للأمام مما يعطيها أفضلية في المناورات بالمساحات الضيقة. وهو ما فشلت فيه واشنطن عند تصنيع الطائرة "إف 22". أيضاً الطائرة ميج 29 الروسية التي تتفوق علي المقاتلة إف 16 الأمريكية والتي بدأ انتاجها عام 1980 وستخرج من الخدمة عام 2030 وكذلك الهليكوبتر الروسية "مي 22 إن إيه" المسماة بالعنكبوت أو صائد الليل والتي تتفوق أيضاً علي الأباتشي الأمريكية. اعتقد أن هذه الدراسة وغيرها وتلك المخاوف تؤكد أن الولاياتالمتحدة لم تستفق من صدمتها بتوجه المشير السيسي إلي روسيا مؤخراً. وهي الزيارة التي لم يكن هدفها التوقيع علي اتفاقيات أو صفقات عسكرية كما نشرت العديد من وسائل الإعلام المصرية وقتها وهو ما نفاه السفير الروسي بالقاهرة أيضاً. ولكن كان هدفها إطلاع المشير علي ما لدي الاستخبارات الروسية من معلومات عن المخطط الدولي للإطاحة به وباستقرار مصر وذلك بمشاركة الولاياتالمتحدة وتركيا وقطر وإيران. وهو ما تنبأت به في هذا المكان منذ ثلاثة أسابيع مضت. وأعلنته مؤخراً بعض وسائل الإعلام غير المصرية ومنها صحيفة البيان الإماراتية أمس.