مشاهد تفوق الوصف أدمت القلوب وانهمرت معها الدموع شلالات من العيون أمام مشرحة زينهم خلال استلام الأهالي جثث أبنائهم ضحايا اشتباكات أمس الأول.. بكاء وصراخ ونحيب الأمهات لم ينقطع.. يتعالي كلما نادي الموظف المختص علي اسم ضحية ليتسلمه أهله فجأة يسقط اب أو أم أو شقيق أو شقيقة أو قريب من هول الصدمة والفاجعة. صراخ الأمهات الثكلي هز أرجاء منطقة المشرحة ومعه تعالت الهتافات المطالبة بالقصاص من قتلة فلذات الأكباد "يانجيب حقهم.. يانموت زيهم". سيارات الإسعاف اصطفت أمام المشرحة انتظاراً لنقل الجثث إلي مثواها الأخير.. بينما كان المواطنون يحملون النعوش التي سيتم فيها وضع الجثامين وآخرون يحملون لوازم تجهيز الموتي من القطن والأكفان. سيطرت حالة من الحزن الشديد علي جميع المتواجدين الذين صبوا غضبهم علي قوات الأمن واتهموا وزير الداخلية بقتل أبنائهم دون وجه حق أثناء المظاهرات المختلفة بعدد من الميادين والشوارع بالقاهرة والمحافظات والتي تزامنت مع احتفالات المصريين بالذكري الثالثة لثورة 25 يناير ورددوا هتافات منها "يسقط يسقط حكم العسكر" و"يانجيب حقهم.. يا نموت زيهم". طالب أهالي الضحايا بعدم تحريف الحقائق أثناء كتابة التقارير الطبية الخاصة بقتلاهم وذكر الأسباب الحقيقية للوفاة حتي يتسني لهم المطالبة بحقوق أبنائهم الذين قتلوا برصاصات خرجت من أسلحة ثقيلة علي حد تعبيرهم. قال بهاء جلال وأحمد عبدالمنعم زميلا الشهيد سيد عبدالله محمود والشهير "بسيد وزة" كان سيد "23 عاما" طالباً بكلية الآداب جامعة عين شمس تخصص الارشاد السياحي وكان عضواً بارزاً في حركة 6 ابريل ومسئول حملة تمرد في حلمية الزيتون وكان كل ما يتمناه ان يخرج كافة المعتقلين السياسيين من السجون دفاعاً عن حرية الرأي والتعبير وآخر رسالة كتبها من خلال صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك. "هقفل الأكونت علشان محدش يتاجر بدمي.. وأنا نازل ومش راجع". أضاف ان سيد لقي مصرعه عقب إصابته بطلق ناري في الصدر أثناء فض مسيرة نقابة الصحفيين وكان قد شارك قبلها في مسيرة لحركة 6 ابريل أمام مسجد مصطفي محمود بالمهندسين ورفض الانضمام لمسيرة الإخوان المسلمين بعدما طلب المشاركون ضم المسيرتين في مسيرة واحدة. كان من أكثر المشاهد المآساوية أمام مشرحة زينهم هو تجمع أهالي الشقيقين بلال جمال محمد مدني وعبدالرحمن جمال محمد مدني اللذين قتلا في ميدان المطرية برصاص قوات الأمن علي حسب قول الأهالي حيث انكب والد الشهيدين علي جثمان ابنه بلال وكشف الكفن من علي وجهه وأخذ يقبله وهو يبكي ويصرخ قائلاً: "دا ابني.. دا ابني". قال جميل فهيم "زوج خالة القتيلين" ان بلال وعبدالرحمن قتلا في ميدان المطرية بعدد من الرصاصات في رأسيهما وكان ذلك في تمام الساعة الخامسة إلا الربع بعد ان تم استهدافهما من قبل مدرعات قوات الأمن الموجودة بميدان المطرية وقد اصيب ايضاً شقيقهما الثالث عبدالله بعدة رصاصات ويرقد الآن في المستشفي لإجراء العمليات الجراحية اللازمة له. تساءل: أين المجلس القومي لحقوق الإنسان من كل هؤلاء الضحايا الذين سقطوا غدراً؟ ولماذا لم يقم المجلس بعمل احصائية لهم للمطالبة بحقوقهم.. أليسوا كباقي الشهداء؟!. قال حسن رشدي خال القتيل عبدالرحمن أحمد حسين: لم يتعد عبدالرحمن عامه العشرين وكان يدرس في السنة الثانية بكلية الصيدلة ولكن القدر لم يمهله حيث قتل في منطقة الألف مسكن بعد إصابته بطلق ناري في الجانب الأيمن أدي إلي الوفاة مباشرة. يؤكد سيد محمود السيد ابن اخت القتيل عطا شعبان عبدالوهاب من قرية سدس مركز ببا محافظة بني سويف ان الشهيد مات متأثراً بإصابته برصاصتين إحداهما اخترقت رأسه من الناحية اليمني والأخري استقرت في الصدر بعد ان اخترقت ظهره ومعني ذلك ان هناك أسلحة ثقيلة تم استخدامها لمواجهة هؤلاء المتظاهرين السلميين بدليل وفاتهم في الحال بعد إصابتهم بالطلقات النارية وفي أماكن خطرة للغاية. أضاف: نطالب بعدم تزييف الحقائق وكتابة التقارير الطبية الحقيقية وذكر الأسباب الصحيحة للوفاة سواء كانت بسبب الإصابة بالطلقات الحية أو الخرطوش خاصة بعد ان سمعنا من أهالي بعض المتوفين الذين استلموا جثث ذويهم ان هناك اتجاهاً داخل المشرحة لتغيير أسباب الوفاة وجعلها أسباب عادية مثل هبوط في الدورة الدموية أو سكتة قلبية أو غير ذلك. شهدت جنازة الشهيد أحمد شمس من منطقة الأميرية احتشاد أعداد كبيرة من المشيعين أمام مشرحة زينهم فضلا عن السيدات اللاتي لم يمتنعن عن البكاء والصراخ حتي استلام جثة قتيلهم وعلي حسب قول الأهالي فقد لقي أحمد شمس مصرعه في ميدان المطرية أثناء مشاركته في إحدي المظاهرات برصاصات قوات الأمن التي أودت بحياته في الحال حسب قولهم. وقعت بعض المشادات بين أهالي الضحايا والعاملين بالمشرحة حيث صدر تقرير الطب الشرعي الخاص بوفاة أحد القتلي بتاريخ يرجع إلي عام 2013 وهو ما أثار غضب أهالي القتيل وبعدها تم تعديل التاريخ علي الفور. أما والد الشهيد شاكر محمد عبدالستار فقد اعترض بشدة علي تقرير الطب الشرعي الخاص بابنه والذي أوضح ان سبب وفاته هو تلقي طلقات خرطوش في الوجه والرقبة.. بينما أكد ان السبب الحقيقي للوفاة هو الإصابة بالرصاص الحي.