لم تعد محافظة مرسي مطروح تلك المحافظة النائية التي ينقل إليها الموظف المنبوذ المغضوب عليه كنوع من التأديب بعد أن تحول ساحلها الشمالي الغربي إلي منتجعات سياحية لكل رجال الدولة أصحاب النفوذ والمال وتم مدها بالمرافق التي لم يكن بدو مطروح يحلمون يوماً بتوصيلها. التنمية والعمران اقتصرا علي الجانب الشمالي فقط من طريق إسكندرية مطروح الدولي. وبقيت المنطقة الجنوبية كما هي.. بقايا من مرافق وخدمات. ازدواجية الفقر والغني أبشع ما تكون في مطروح وتسبب أوجاعاً للأهالي. يقول عبدالخالق سنوسي "أحد اللييبيين في مطروح أبناء البدو" من منطقة سيدي حنيش: عشرات القري السياحية أقيمت بطول الساحل ولكن بقيت أوضاع البدو الأصليين كما هي.. ففي الوقت الذي كان يحصل فيه المستثمر علي آلاف الأفدنة لإقامة كتلة خرسانية بمساحة قرية فخمة ليقضي فيها أصحابها ربع أيام العام شهور الصيف فقط بقي أبناء البدو يعانون من مشكلة أن يحصل الفرد ولو علي 200 متر لإقامة منزل وهو ما يعد من أهم المشاكل التي يعاني منها أهالي مطروح.. فمشكلة تملك البدو لأراضيهم هي أم المشكلات في مطروح. التي يحسون معها بالغبن الشديد. ولا نقول الحقد الطبقي. ويقول رضوان محمود الفردي: هناك تناقض شديد بين الحياة في المنطقة الشمالية حيث القري السياحية والمنطقة الجنوبية حيث الخيام أو البيوت الفقيرة.. فعلي سبيل المثال في الوقت الذي يقوم فيه ملاك القري السياحية بري الحدائق بالمياه العذبة فإن البدو في المنطقة الجنوبية مازالوا يعتمدون في الحصول علي احتياجاتهم من مياه الشرب علي الآبار وتجميع مياه الأمطار. قلة الموارد ويكشف خليفة عبدالحليم علام عن أن مطروح تمتلك مقومات من الممكن أن تجعلها مركز جذب سياحياً طوال العام لكن هناك تقصيراً في الترويج لها ذلك فإن الحياة في كل مدن مطروح موسمية طوال شهور الصيف فقط.. وهذا بالطبع أدي إلي تردي أوضاع السكان وقلة مواردهم وحرمانهم من كعكة السياحة بشكل عام. ويضيف خليفة: تم تطوير مطار مدينة مرسي مطروح لاستقبال الطائرات الشارتر من أوروبا.. ووصلت الرحلات بالفعل.. ولكن ذلك لم يكن له مردود علي المستوي الاقتصادي لسكان. ويؤكد ذلك أن هناك مناطق غرب مطروح مازالت تعاني نقص إمدادات الكهرباء ان كانت مشكلة مياه الشرب تعد هي الأعظم. ويقول محمود محمد قاسم: رغم وجود كم هائل من المشروعات السياحية علي أرض مطروح فمازالت مشكلة البطالة هي الأكبر والسبب أن أصحاب القري السياحية يقومون باستقدام العمالة من خارج المحافظة ويبقي شباب مطروح بلا عمل. رغم وجود الآلاف من فرص العمل ولكن ليست لهم. أرتفاع الأسعار ويتحدث عبدالغفار الملاح رئيس مجلس محلي محافظة مطروح وأحد أبناء السلوم عن أن الظروف الطبيعية أيضاً تتحالف ضدهم وتقف حائلاً دون تحقيق طموحات البدو في مطروح منذ أكثر من 10 سنوات قلت نسيبة الأمطار التي تسقط علي القري والمدن وقد أثر ذلك علي الغطاء النباتي الذي كان البدو يعتمدون عليه في أعمال الرعي فقل عدد رءوس الضأن الذي يمتلكه المربون في مطروح من 650 ألف رأس إلي 300 ألف فقط في العام بسبب ارتفاع تكلفة التربية. وارتفاع أسعار الأعلاف المصنعة والتي يضطر المربي البدوي إلي استخدامها بعد أن تقلصت مساحة المراعي الطبيعية.. وبالطبع هذا أدي إلي تقهقر مكانة مطروح التي كانت تحتل المركز الأول في تصدير الأغنام إلي دول الخليج. وبالتالي ارتفع سعر الخروف من 700 جنيه إلي 2000 جنيه حيث يضطر المربي إلي بيع بعض القطيع للإنفاق علي باقي أغنامه. ويقترح الملاح ضرورة إقامة مصانع للأعلاف بالمحافظة تقدم العليقة للأغنام للحفاظ علي هذه الثروة القومية. يتحدث عمران كيلاني من سيوة : واحة سيوة مزار سياحي من أكبر المزارات العالمية. ولكن هناك إهمالاً في تبني مشاكل الواحة.. فمشكلة المياه الجوفية مازالت تسيطر علي كل المناطق وأدت إلي انخفاض المساحة الزراعية وبالتالي قلة المحاصيل. ويطالب بضرورة استغلال بحيرات الواحة في استزراع أنواع من الأسماك قد تكون مناسبة وملائمة لطبيعة سيوة ونجاح هذا المشروع سيساهم في وجود بديل للحوم وأهالي مطروح في أشد الاحتياج إلي هذا البديل خاصة أن المحافظة ورغم أن طول ساحلها 450 كيلو متراً تعتمد علي الأسماك عن طريق الاستيراد من الإسكندرية. ويطالب رجب عدلي فازع بضرورة إعادة النظر في الوحدات المحلية القروية فليس من المعقول أن يكون تعداد القرية 800 فرد ونترك قري شباب الخريجين ولمطروح ولاية علي 13 قرية دون إعلانها وحدات محلية قروية رغم أن تعداد القرية الواحدة يزيد علي 5 آلاف نسمة وكل مقومات إنشاء القري متوفرة فيها. أزمة غذائية ويتحدث حسام محمد السيد طالب : عن ضرورة التوسع في إنشاء أندية لفروسية في ربوع المحافظة للتوسيع في هذا النوع من الرياضة الذي يعتبره أبناء مطروح موروثاً بيئياً ولا يتصور أن تجد أسرة بدوية لا تمتلك خيولاً.. ولذلك من الطبيعي أن نهتم بهذا النوع من الرياضات التي دعانا إليها الإسلام. ويحذر محمد لملوم علي من إن مطروح هذا العام علي مشارف أزمة غذائية فقد تزج أكثر من 15 ألفاً من الليبيين حتي الآن إلي مدن مطروح للإقامة هرباً من الحرب الدائرة في ليبيا ولو بدأ موسم الصيف فإن الأزمة قادمة لا محالة في الغذاء ومياه الشرب إن لم يتم وضع هذه الأمور كلها في الحسبان. ويقول إن محافظ مطروح الجديد طه محمود السيد سيواجه تحديات كبيرة هذا الموسم في كيفية تدبير احيتاجات سكان مطروح وزوارها.