من ملجأ الأيتام بالزقازيق الي امارة شعر الاحتجاج.. هكذا كانت رحلة شاعر العامية الكبير أحمد فؤاد نجم "الفاجومي" التي استمرت 84 عاماً وانتهت أمس بدفن جثمانه في مقابر الغفير بالسيدة عائشة بعد أن تم تشييعه من مسجد الإمام الحسين. واقيمت ليلة العزاء الليلة الماضية بمسجد بلال بن رباح بالمقطم. ويقيم المثقفون ليلة عزاء أخري غداً "الخميس" بمسجد عمر مكرم. شهد تشييع الجنازة عدد كبير من الشعراء والمثقفين والسياسيين والمسئولين. منهم محافظ القاهرة د.جلال السعيد. ود.رفعت السعيد. ود.محمد أبو الغار. وحسين عبدالرازق. والناشر محمد هاشم وغيرهم وحضر وزير الثقافة د.محمد صابر عرب العزاء. المعروف أن نجم دخل ملجأ الأيتام وعمره سبع سنوات وأمضي فيه حوالي عشر سنوات. وقد علم نفسه القراءة والكتابة. وعمل في عدة مهن. منها راعي بهائم وترزي ومكوجي وعامل معمار وغيرها. ارتبط أحمد فؤاد نجم برفيق دربه الشيخ إمام وشكلا معاً ثنائياً غنائياً قدم الأغاني الوطنية الرافضة والمحتجة. ما أدي الي دخوله السجن عدة مرات حيث قضي أجمل سنوات عمره خلف القضبان بسبب مواقفه الرافضة. عاش أحمد فؤاد نجم دائماً علي حد الكفاف وكان يسكن في حجرة بحارة "حوش آدم" وعندما انهار البيت الذي يسكنه انتقل الي شقة بمساكن الزلزال بالمقطم ظل فيها حتي وفاته. عبر الشعراء والمثقفون عن حزنهم لرحيل نجم مؤكدين أن مصر في لحظتها المرتبكة هذه كانت في أمس الاحتياج الي شاعر مثله. قال الشاعر شعبان يوسف إن فؤاد نجم لم يكن مجرد شاعر ثوري معارض. لكنه قدم إضافات مهمة وثرية إلي شعر العامية جعلته قريباً من الناس لأنه كتبه منهم وإليهم فصدقوه والتفوا حوله. أضاف الشاعر مسعود شومان أن أحمد فؤاد نجم الإنسان يمثل حيوات بكاملها تصلح لقراءة بعض فترات التاريخ المصري. وقد سجل بعضها في شعره وسيرته وحواراته وأغانيه المتفردة التي كتبها للمسرح. فأحمد فؤاد نجم أحد البنادق الشعرية التي صوبت رصاصاتها علي القهر والظلم. وكانت أشعاره المقاومة والمواجهة للظلم أحد أسباب تردده علي السجون والمعتقلات لفترات طويلة من حياته حتي صار السجن جزءاً مهماً من تجربته الحياتية والشعرية. فهو أمير شعراء الاحتجاج والمواجهة للظلم والقهر. أشار الكاتب أحمد بهاء الدين شعبان إلي أن أحمد فؤاد نجم ربما يكون الشاعر الأوحد في تاريخنا المعاصر الذي ظل منذ البداية وحتي النهاية مناضلاً بشعره. ورغم ما يتسم به شعر النضال والمواجهة من مباشرة وفجاجة أحياناً. فإن من يتأمل شعره يتأكد من حرصه علي جماليات الكتابة. أي أنه حافظ علي الشعرة الدقيقة بين الفن والمنشور السياسي فقدم لنا مجموعة من القصائد الرائعة. دعا الناشر محمد هاشم وأحد أصدقاء نجم المقربين الي قيام الدولة بتكريم أحمد فؤاد نجم بشكل يليق بشاعر في حجمه. وهب حياته من أجل ناس بلاده والدفاع عن قضاياهم ودفع أجمل سنوات عمره في السجون ورفض طوال حياته أن يتنازل عن أفكاره ومبادئه. في نفس الوقت يقيم المثقفون حفلاً لتأبين الشاعر الراحل الاثنين القادم بورشة الزيتون يديره الشاعر شعبان يوسف الذي وجه الدعوة لعشرات الشعراء والمثقفين والسياسيين لحضور هذا الحفل الذي سيكون الأول في سلسلة احتفالات أخري تشهدها العديد من المواقع والمؤسسات الثقافية.