لا أحد يستطيع الآن انكار ان الكرة المصرية هي "تاجر السعادة الحقيقي" لشعبنا الجميل الطيب الذي ظلم كثيرا وعاني أكثر مما يحتمل البشر.. واظن- وليس بعض الظن اثما- ان مسيرات الفرح التي انطلقت في شتي ربوع البلاد يومين متتاليين عقب فوز الزمالك بكأس مصر والأهلي بكأس رابطة الابطال الافريقية خير دليل علي هذه الحقيقة التي لاتخطئها عين. لقد انغمس شعبنا تماما في السياسة علي مدي 34 شهرا حتي ذاب فيها وذابت فيه.. بل ان المناسبات التي كان يأمل ان تنقذه من وحل السياسة تحولت بفعل فاعل معلوم إلي نكبات ومآس وواقع شديد السواد مثل مذبحة بورسعيد وبعض المباريات التي حضرها جمهور!! ان الشعب المصري يتسم بصفات حصرية لا تتوفر مجتمعة في أي شعب آخر مع احترامنا لكل الشعوب.. فهو متدين بالفطرة. وعاشق لكرة القدم بالفطرة. وابن نكتة بالفطرة. وجبار ومبتكر بالفطرة. وصبور إلي اقصي درجة وبالفطرة ايضا.. فمن بين شعوب الارض له كل هذه الصفات وغيرها دفعة واحدة..؟ لقد فتح الزمالك بابا للسعادة يوم السبت الماضي عندما فاز بكأس مصر بعد سنوات عجاف عصيت البطولات خلالها علي القلعة البيضاء وكانت تستحق فعلا بعضها. وفي اليوم التالي مباشرة.. فتح الاهلي باقي الابواب.. فاز بكأس افريقيا للمرة الثامنة في تاريخه وللعام الثاني علي التوالي محققا هذه الثنائية مرتين وليحتفظ بالكأس مدي الحياة وللمرة الثانية.. وهي ارقام يسجلها التاريخ بأحرف من نور لنادي القرن وللكرة المصرية. الاهم والذي يجب ان نتوقف امامه باهتمام ان الاهلي والزمالك فازا بالبطولتين رغم ان الدوري العام- المسابقة الاكثر اهمية.. متوقف تماما مما يبعد اللاعبين عن حساسية المباريات خاصة إذا كانت امام فرق قوية وأكثر جاهزية واحتكاكا مما يعد اعجازا.. وان حضور الجماهير بتشجيعها المثالي وحماسها الشديد كان له مفعول السحر. وكما اسعد لاعبو الاهلي والزمالك جماهيرهم وكل جماهير مصر بكافة اعلامها والتي ملأت مدرجات ستادي المقاولون والجونة.. فان هذه الجماهير ردت الجميل بأحسن منه وبعثت برسائل محددة للداخل والخارج تقول فيها: ان مصر آمنة ولن يستطيع خفافيش الظلام وكارهو الحياة ان يجروها إلي دائرة العنف والخراب خاصة في مجال حيوي مثل الرياضة عامة وكرة القدم خاصة مهما هددوا وتوعدوا.. وان الكرة هي "تاجر السعادة الحقيقي" لهذا الشعب وليست ملهاة له كما يصفها من ماتت ضمائرهم وخربت ذممهم وانعدمت وطنيتهم.. وان كل التخوفات من العنف والشغب هي محض أوهام وافتراءات.. والدليل ان جماهير الاهلي والزمالك كانت مثالية في التشجيع اثناء المباراتين وفي التعبير عن الفرحة بعد النصر.. وان الامن كان منضبطا وحاضرا بقوة للحفاظ علي ارواح وسلامة الجميع بلا استثناء.. والنتيجة.. ان الفرح ملأ القلوب والابتسامة علت كل الشفاة من اقصي مصر إلي اقصاها. لقد اصبحت عودة مسابقات الكرة الآن مطلبا شعبيا وامرا حتميا لا فصال فيه.. الناس متعطشة للمباريات الرسمية. والأمن قادر علي ضبط الايقاع مهما حاول مجرمون ان يفسدوا هذا المشهد الرائع.. فلماذا الخوف اذن؟؟.. استرجعوا شرائط مباراتي الاهلي والزمالك واحتفالات النصر بهما لتتأكدوا ان جماهيرنا محترمة فعلا.. فلا تحرموها من حقها الطبيعي. صدقوني.. لن يكون لدينا منتخب قومي قادر علي الفوز بكأس افريقيا والوصول لكأس العالم بدون مسابقات محلية رسمية تجهز اللاعبين للمحطات القارية والعالمية. يارب.. كمل فرحتنا.. امنحنا فرصة الوصول لكأس العالم.. انت قادر ولا شيء مستحيلا.