نزف العقول ظاهرة تشمل دول العالم الثالث. حتي الدول التي تلامس التقدم يهاجر علماؤها إلي دول الغرب - والولايات المتحدة بخاصة - يفيدون من التيسيرات والمناخ المحفز للتجارب العلمية. والإنفاقات الهائلة علي الأبحاث. وعلي الباحثين أنفسهم. علي الرغم من التقدم النسبي الذي بلغته إسرائيل. بواسطة علماء يهود. استوردتهم من دول العالم. فإنها بدأت تشكو من هجرة علمائها. وأخذت الشكوي أبعاداً جديدة. حين أعلن عن فوز عالمين يهوديين أمريكيين هذا العام بجائزة نوبل في الكيمياء. كان العالمان قد هاجرا من إسرائيل. وأفادا من تقدم مراكز الأبحاث الأمريكية في تطوير أبحاثهما. وتقديم إضافات حققت لهما الفوز بأرفع جائزة عالمية. تعالت التحذيرات من هجرة الكفاءات العلمية. وأشارت الإحصاءات إلي أن أكثر من عشرة في المائة من حملة الدكتوراة في العلوم والرياضيات. هي نسبة المهاجرين من إسرائيل. وأن نسبة المهاجرين من معهد وايزمان للعلوم حوالي 18% نتيجة هجرة الكفاءات العلمية. بسبب القيود البيروقراطية. والميزانيات الضعيفة للأبحاث. وضآلة رواتب العلماء والباحثين. وكتبت "جيروزاليم بوست" تطالب بوقف هجرة العقول. حتي لا تغادر إسرائيل - علي حد تعبير الكاتب - موقعها الريادي في مجالات التقدم العلمي. استطاعت إسرائيل - بالمعونات الأمريكية. وباستيراد الكفاءات اليهودية من أرجاء العالم. وبالابتزاز - ان تحقق العديد من المنجزات العلمية والتكنولوجية. لكنها تشفق من نزف العقول. وتأثيراته علي ما صنعته في تلك المجالات. إذا تكلمنا عن هجرة الكفاءات العربية. فإننا نستعيد - للأسف - ملاحظات الصحيفة الإسرائيلية عن قيود البيروقراطية. وضعف ميزانية الأبحاث ورواتب العلماء. هذه مشكلتنا. مع فارق نسبي هائل يصعب تجاهله. وحتي تسهل المقارنة. فمن المهم ان نشير الي ان إسرائيل تنفق علي البحث العلمي في العام الواحد أكثر مما تنفقه الدول العربية مجتمعة في خمسة عشر عاماً! نحن لا نكتفي بالتقاعس عن تشجيع البحث العلمي. لكننا نصمت عن هجرة الكفاءات العلمية. يتخرج الطالب في الجامعة. ثم يحصل علي الدكتوراة. ليبدأ في إعداد أوراقه للهجرة. متناسياً الانتماء للوطن الذي أنفق عليه مبالغ طائلة كي يحصل علي الدرجة العلمية الرفيعة. لا أحد يختلف في أن تكون الأولوية للإنتاج والعيش الكريم والقضاء علي مظاهر التخلف. الباب السحري لذلك كله هو البحث العلمي. بكل ما يعنيه من منجزات تضيف. وتطور. بالمناسبة: أتمني ألا تغتال فكرة الجامعة العلمية بالاهمال واللامبالاة والصمت الساذج عما يواجهه مشروع جامعة ذويل. من حق جامعة النيل أن تحتفظ بمبانيها. لكن من حق جامعة نويل أن توفر لها الدولة كل ما يعينها علي إحداث النقلة التي نرجوها في حياتنا الأكاديمية.