جدل كبير يدور الآن بين السياسيين وبين كل المهتمين بالشأن السياسي في مصر علي أيهما نبدأ به أولاً؟.. هل الانتخابات الرئاسية؟ أم الانتخابات البرلمانية كما جاء في خارطة الطريق؟ هذا الجدل وهذه الحيرة خلقت لنا فريقاً ثالثاً يطالب بإقامة الاثنين معاً.. وكل فريق له أسباب يدعم بها موقفه. الفريق الأول الذي يطالب بالانتخابات الرئاسية أولاً له مبررات أهمها أن مصر الآن في أشد الحاجة إلي قائد منتخب لضبط الإيقاع ويحسن صورة مصر في الخارج وأيضا لكي يدير بنفسه الانتخابات البرلمانية بدلاً من الرئيس المؤقت.. في حين أن الفريق الثاني الذي يطالب بالانتخابات البرلمانية يؤكد أن الأهم هو الالتزام بتعهدنا والتزامنا الذي اتفقنا عليه وهي وخارطة الطريق كما هي لأن هذا يؤكد احترامنا لكلمتنا وأنفسنا وأيضا عندما تقام الانتخابات البرلمانية أولاً سيتم تشكيل حكومة من الأغلبية البرلمانية تدير انتخابات الرئاسة ولن تستطيع التأثير فيها. الفريق الثالث يطالب بإقامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في يوم واحد اختصاراً للمرحلة الانتقالية والحد من النفقات والجهد. يقول المفكر الإسلامي د. ناجح إبراهيم القيادي بالجماعة الإسلامية أنه من الفريق الذي يطالب بالانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية مؤكدا أن مصر تحتاج قائداً منتخباً علي وجه السرعة لديه القدرة علي ضبط الإيقاع ووضع الأمور في نصابها الصحيح. أضاف أن وجود رئيس منتخب قبل الانتخابات البرلمانية لن يؤثر علي سير واتجاه الناخبين في الانتخابات البرلمانية .. منوهاً أن الشعب المصري لديه من الوعي السياسي الكثير خاصة بعد الاحداث والظروف التي مر بها خلال العامين والنصف السابقين بعد ثورة 25 يناير أشار د. ناجح إلي قدرة المصريين علي حسن الاختيار ولا يوجد شخص يستطيع أن يوجههم إلي طريق هم رافضون له. يؤكد البدري فرغلي عضو مجلس الشعب السابق أن الطامعين في كرسي الرئاسة يتحدثون عن انتخابات رئاسية قبل البرلمانية عكس الطامعين في البرلمان الذين يتمنون إقامة انتخابات البرلمان قبل الرئاسة .. مؤكداً أن الأهم من هذا وذاك أن يأتي الدستور أولاً. أضاف أن الدستور هو الذي يحدد طبيعة الانتخابات ومهام رئيس الجمهورية ودور البرلمان وبالتالي نتجنب الرئيس الديكتاتور.. منوهاً إلي أنه من الفريق الذي يؤيد انتخابات رئاسية قبل البرلمان حتي يكون لمصر رئيس يدير شئون البلاد داخليا وخارجياً. أشار فرغلي إلي أن وجود برلمان قبل الرئيس من شأنه أن يظهر صراعات ومصادمات بين الاحزاب في ظل عدم تحقيق أي حزب للأغلبية مطلقة وهذه المصادمات سوف تنعكس بالسلب علي انتخابات الرئاسة.. مؤكدا أن البرلمان سوف يأتي بالحكومة.. وفي ظل عدم وجود رئيس كيف يدير رئيس الحكومة أمر البلاد؟! تقول د. هالة مصطفي استاذ العلوم السياسية ورئيس تحرير جريدة الديمقراطية سابقاً أنه حسب خارطة الطريق الانتخابات البرلمانية هي التي تسبق الرئاسية .. مؤكدة أن كل ذلك سيتضح بعد الانتهاء من الدستور لإنه هو الذي سيحدد شكل الانتخابات البرلمانية هل هي بنظام القائمة أم بالنظام الفردي. أضافت أنها مع الفريق الذي يطالب بالانتخابات الرئاسية أولاً علي اعتبار أنها ستكون أسهل خاصة لو كان بها بعض التوافق الذي قد يحدث.. معتبرة الانتخابات البرلمانية صعبة جداً في ضوء تنافس شديد سواء علي مستوي الفردي أو علي مستوي القائمة في ظل صراع رهيب بين الاحزاب. أشارت د. هالة إلي أن الأفضل حتي الانتهاء من الدستور وقتها سيكون الرؤية اتضحت أكثر والاحداث والظروف هي التي ستدفعنا نحو الطريق الصحيح سواء الانتخابات الرئاسية أم البرلمانية. يوضح المهندس محمد سامي رئيس حزب الكرامة أنه يؤيد الانتخابات الرئاسية أولاً حتي وإن كان الاتجاه نحو الانتخابات البرلمانية هو المحدد من قبل خارطة الطريق. مؤكدا أن الرئيس أولاً سوف يكون رسالة للمجتمع الدولي أننا دخلنا في مرحلة الإدارة الشرعية للبلاد عبر رئيس منتخب. أضاف أن هذه الرسالة سوف تكون أقوي من برلمان منتخب مع رئيس مؤقت .. منوهاً أن الرئيس المنتخب سوف يباشر بقوة ما حصل عليه من تأييد شرعي مسؤلياته في متابعة الانتخابات البرلمانية وضمان نزاهتها لانه سوف يحمل علي كاهله آمال الجماهير العريضة التي اختارته عبر الصندوق. أشار سامي إلي وجود مجلس الشعب قبل الرئيس ليس له صلة باستكمال العملية الانتخابية لاختيار الرئيس.. مشددا علي أن فكرة انتخابات البرلمان والرئاسة في يوم واحد فكرة مستحيلة وصعبة للغاية علي الناخبين الذين سيكونون بالطوابير أمام اللجان وأيضا علي القضاة والموظفين المشرفين علي اللجان. أما المستشار بهاء الدين أبو شقة نائب رئيس حزب الوفد يري أن إقامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في وقت واحد هو أفضل من خلال ثلاث زوايا. الزواية الأولي: هي الأمنية حيث إن اجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في وقت واحد يختصر الاجراءات الأمنية والتي من المتوقع أن تكون مشددة وبالتالي نرفع الكاهل علي الجيش والشرطة .. منوهاً أن الانتخابات أيضا تشغل المدارس وبعض المصالح الحكومية كمقار انتخابية مما يؤثر علي العملية التعليمية أيضا. أضاف أما الزواية الثانية فهي المالية حيث أن الانتخابات في وقت واحد سوف يختصر المرحلتين إلي مرحلة واحدة وبالتالي تخفيض التكاليف إلي النصف.. منوهاً إلي الزواية الثالثة والأخيرة وهي تخص السادة القضاة المشرفين علي الانتخابات فإقامة الانتخابات علي مرحلتين سوف يؤثر علي سير العدالة لإنشغال القضاة في الإشراف علي الانتخابات وبالتالي سوف يؤثر علي الفصل في القضايا ويعطل مصالح المتقاضين. يقول المفكر جمال أسعد عضو مجلس الشوري الأسبق أنه يؤيد إقامة انتخابات الرئاسة والبرلمان في يوم واحد اختصارا للمرحلة الانتقالية التي تعج بالصراعات السياسية التي تهدد سلامة وأمن الوطن. أضاف ان اقامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في يوم واحد أيضا لضغط المصروفات خاصة أننا نمر بأحوال اقتصادية صعبة تقتص منا التوفير والابتعاد عن الاسراف إن أمكن ذلك. أشار سعد إلي أن اقامة انتخابات قبل الأخري سوف يكون له تأثير حيث سيعمل الفائز علي توجيه الرأي العام للفوز في الانتخابات الثانية.. مؤكداً أن الرئيس المنتخب سيكون له تأثير بشكل ما علي اختيار أعضاء البرلمان وأيضا الحزب الفائز بالأغلبية أو حتي الأكثرية في البرلمان سيكون له تأثير بشكل ما علي اختيار شخص الرئيس. أضاف أن متطلبات المرحلة تتطلب اقامة الانتخابات للرئاسة والبرلمان عن يوم واحد وخاصة أن الانتخابات البرلمانية السابقة كانت عبارة عن روتينين واحدة للقائمة والأخري للفردي ولن يكون هناك مانعا أن يكون واحدة للرئاسة والأخري للبرلمان في انتخابات واحدة. يقول القيادي اليساري عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي ونائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان أن الالتزام بخارطة الطريق هو الأفضل .. منوهاً أن خارطة الطريق تقول إن الانتخابات البرلمانية أولاً وبالتالي سيتم تشكيل حكومة من الأغلبية البرلمانية. أضاف أن الحكومة التي شكلتها الأغلبية البرلمانية تستطيع أن تضبط الأمور وتدير الانتخابات الرئاسية بكل حيادية مشيرا إلي أن وجود رئيس منتخب ينتمي لأحد الأحزاب أولاً له تأثير علي سير الانتخابات البرلمانية والفوز بالأغلبية لصالح الحزب الذي ينتمي إليه. أما مختار نوح المحامي والقيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين فيؤكد أنه يميل لما تقوله خارطة الطريق وهو الانتخابات البرلمانية أولاًً وذلك حتي نتعلم كيفية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مسبقا ونحترمه. أضاف أنه ضد الذين يغترون بخلو الساحة والخروج باقتراحات من اليمين ومن اليسار بهدف خدمة أهدافهم منوهاً علي أهمية السير قدماً في تنفيذ خارطة الطريق التي التزم بها الجميع لخدمة الوطن وليس لمصلحة أشخاص بعينهم.