عادت بي الذاكرة والمصريون يتابعون احتفال مصر بذكري مرور 40 سنة علي حرب أكتوبر إلي السنوات الخمس التالية لعام 1967 عندما عاشت مصر سنوات من أحلك ما مر بها ربما علي مدي التاريخ كله.. كانت أعواما ممزقة راجعة إلي حالة اللاسلم.. واللاحرب.. كان الرئيس الراحل أنور السادات ينشد السلام وأعلن في فبراير سنة 1971 مبادرة للسلام مع إسرائيل ولكنها لم تأت بأي نتيجة.. ثم أعلن بعدها.. أن سنة 1971 ستكون هي عام "الحسم" سلما أو حربا.. وانقضي العام ولم يحدث الحسم!! وازداد الضغط الشعبي علي الرئيس السادات.. الكل يطالب بأي تحرك.. وبالقتال مهما كانت نتائجه ولكن الرئيس كان دائما يحاول أن يجد تبريرات لهذا السكون.. وهذا الصمت.. لأنه كان يستعد لمعركة كبري فاصلة. ويقول أنور السادات في مذكراته إنه تسلم من الرئيس الراحل الخطة الدفاعية ..200 وهذه الخطة انهارت قبل أن يموت عبدالناصر بشهر.. كانت الخطة الدفاعية سليمة 100% ولكن لا وجود لخطة هجومية. بصراحة كان وضع الرئيس الراحل أنور السادات محرجا للغاية.. فإسرائيل متفوقة عسكريا.. لدرجة أن الولاياتالمتحدة دخلت في تصنيع الأسلحة مع إسرائيل في الوقت نفسه كانت إضرابات ومظاهرات الطلبة علي أشدها وتحولت التجمعات الطلابية داخل الجامعات والمعاهد إلي مظاهرات تجتاح أهم شوارع القاهرة ميادينها واعتصم البعض داخل المدرجات حتي تحولت قاعات الدراسة إلي ساحات سياسية تتصارع فيها كافة المذاهب والآراء.. ثم امتدت هذه المظاهرات والإضرابات إلي الإسكندرية والمنصورة وأسيوط وغيرها. لم يكن أحد يتوقع بأن يشعل السادات نار الحرب مع إسرائيل لدرجة أن الحبيب بورقيبة رئيس تونس في ذلك الوقت صرح أكثر من مرة بأن علي السادات أن ينسي الحرب مع إسرائيل ويرضخ لطلباتها!! والحقيقة أن حرب 6 أكتوبر قد أذهلت العالم.. فلم تكن إسرائيل تتوقع أن تشن مصر هجوما عليها.. ولم تكن دول العالم بصفة عامة تتوقع ذلك خصوصا وأن طبيعة الشعب المصري دائما تتغير فجأة وبدون مناسبة.. ففي عام 1967 كان العام كله يتوقع قيام مصر بالحرب مع إسرائيل وكانت المفاجأة.. أننا لم نكن مع أي درجة من درجات الاستعداد للحرب. ونفس الحال تكرر في سنة ..1973 خالفت مصر كل التوقعات وشنت هجومها. وعندما دقت الساعة الثانية بعد ظهر يوم 6 أكتوبر.. أصاب العالم ذهول عندما نجح الجنود المصريون في إزالة خط بارليف الذي قيل عنه إنه أعتي حصون العالم ولا يمكن حتي للقنبلة الهيدروجينية أن تقضي عليه.. ولكن المفاجأة أن العقلية المصرية استطاعت أن تهدم هذا الحصن المنيع بواسطة خراطيم المياه وفي خلال 20 دقيقة فقط.. دمرت الطائرات المصرية حصون إسرائيل في سيناء. بصراحة كانت حرب 6 أكتوبر علامة فارقة في تاريخ مصر والعالم لقد أثبت المصريون فيها أن إرادتهم تقهر أي قوة.. وليت إرادتهم هذه تعم كافة المجالات.. ليت المصريون يخلصون في أعمالهم كما أخلصوا في هذه الحرب ليتهم يتعلمون الجدية التي كانت في هذه الحرب وإذا كانت هذه الحرب يتم تدريسها في المدارس فإنه يجب أن يكون تدريسها علي أساس كيفية تطبيق مناهجها في مختلف المجالات.