النظرة السياسية للمستقبل القريب خلال الفترة الباقية من هذا العام وأوائل العام القادم لا توحي بالاطمئنان وترخي ظلالاً من التشاؤم علي ما يمكن أن يحدث بعد ان تنفست مصر الصعداء منذ بدايات شهر يوليو الماضي. لماذا هذا القلق؟! وما هو مصدره؟! وما الذي يمكن أن يحدث ويعطينا إحساسا بالتشاؤم؟! ليس هناك قلق من ناحية الدستور رغم بعض الخلافات التي تدور حوله.. وأهمها: هل سيكون تعديلا لدستور 2012 أم يكون دستورا جديدا في كل مواده.. هذا بالاضافة الي اعتراضات السلفيين أو المسيحيين حول بعض المواد.. لكن كل هذه الخلافات يمكن تجاوزها واعداد دستور يتم الاستفتاء عليه في موعده طبقاً لخارطة المستقبل. لكن القلق سيبدأ عند الترشيح للانتخابات البرلمانية التي ستكون مصيرية. فلا أحد يمكن أن يتكهن بنتائجها وما هي توجهات القادمين الجدد إلي مجلس الشعب؟! ورغم أن جماعة الإخوان ومعهم السلفيون وكل التيارات الاسلامية لم تعد تلقي القبول الذي لقيته في انتخابات مجلس الشعب المنحل إلا ان ذلك لايحول دون حصولهم علي أكثرية في المجلس الجديد نتيجة لعدم وجود منافس علي مستوي تنظيمي يكون ندا لهم. النفور الشعبي من الإخوان يزداد يوما بعد يوم وخاصة بسبب الضحايا الذين يسقطون من رجال الشرطة والجيش والمواطنين في المواجهات التي تتم مع مسلحيهم في جميع مناطق مصر.. ورغم ذلك فان أساليبهم في الحشد للانتخابات وتأثيرهم علي الناخبين يزيد من مخاوف عودتهم الي الصدارة مرة أخري.. وبذلك نعود الي منطقة الصفر.. وفي هذه الحالة فان الجماعة سوف تتصرف من منطلق ان الشعب اكد شرعيتها اللهم إلا اذا كان الدستور الجديد في حالة اقراره يحول دون تسلط أي جماعة أو حزب علي مقدرات الدولة وتوجيهها بما يتفق مع مصالحها. فاذا انتقلنا إلي الانتخابات الرئاسية نجد المخاطر أكثر في ظل اصرار الفريق أول عبدالفتاح السيسي علي رفض الترشح لهذه الانتخابات.. فرغم ان الانتخابات الرئاسية ليست بعيدة زمنيا فإن ما يظهر علي السطح السياسي حتي الان مرشحان سبق خوضهما الانتخابات الرئاسية السابقة هما السيد حمدين صباحي والدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح. والمؤشرات الظاهرة والبادية حاليًا أنه ليس هناك إجماع بين القوي المدنية علي السيد حمدين صباحي.. في الوقت الذي يمكن فيه أن تتوحد التيارات الإسلامية وتتحلق حول الدكتور أبوالفتوح. واذا كان الدكتور أبوالفتوح يبدو أكثر استقلالية. وانه لن يكون أداة لجماعة الإخوان أو السلفيين أو غيرهم.. إلا أن فكره وتوجهه ليس بعيدا عن فكر الجماعة.. فرغم أنه انفصل عنها جسديا أقصد تنظيميا الا أن الافكار الاساسية موجودة في ضميره وعقله.. والدليل التصريحات التي صدرت عنه منذ عزل الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي حتي الان. وكلها تصب حول ان ما حدث اعتداء علي الشرعية واعتبار أن ما حدث في 3 يوليو الماضي انقلابا عسكريا!! ومن هنا يفرض السؤال نفسه: ما الذي يضمن في حالة وصول الدكتور أبوالفتوح الي الحكم عدم هيمنة جماعة الإخوان والتيارات الاسلامية علي مقدرات الدولة المصرية من خلاله.. ويبدأ من جديد الاحتكاك بين الشعب ونظام الحكم.. وفي هذا من الخطر ما فيه علي مصر شعبا ووطنا. فهل يمكن في وسط هذه الضبابية التي تغلف المستقبل القريب أن يظهر الفارس المخلص الذي يلتف الشعب كل الشعب حوله؟!