يعتبر حسن البشبيشي، ومصطفى كمشيش من القيادات السابقة بجماعة "الإخوان المسلمين"، وكانا محسوبين على التيار الإصلاحي، الذي كان يقوده الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح. وترصد "بوابة الأهرام" قصة تدرج القياديين السابقين داخل الجماعة حتى انفصالهما عنها، وانضمامهما ل"مصر القوية" واستقالتهما أخيرًا من الحزب. خاض البشبيشي صراعًا ضد مكتب إرشاد الإخوان بعد أن قررت الجماعة الدفع بالمهندس خيرت الشاطر لانتخابات رئاسة الجمهورية والدكتور محمد مرسي كمرشح احتياطي، مفضلا حفاظ الجماعة على تعهدها الأول بعدم الدفع بمرشح إخواني لانتخابات رئاسة الجمهورية ودعم الدكتور عبدالمنعم أبو لفتوح. وكان يرى البشبيشي أن وصول أبوالفتوح سيكون أفضل، وذلك لعدة عوامل، أولها، أن الجماعة ستلتزم بقرار مجلس شورى الجماعة بعدم ترشيح إخواني للرئاسة، الأمر الذي سيحافظ على صورة الإخوان أمام الرأي العام، إلى جانب أن وصول أبوالفتوح من شأنه إعطاء المنصب الرفيع حيوية أكثر لعلاقات أبوالفتوح القوية برموز المعارضة، وعلى رأسها حمدين صباحي ومحمد البرادعي. وأكد البشبيشي خلال السجالات التي خاضها ضد من يؤيدون ترشيح إخواني لرئاسة الجمهورية، على أن الجماعة سيكون أمامها فرصة جيدة في الانتخابات البرلمانية لتشكيل حكومة قوية مع الفرقاء ذو المرجعية الإسلامية، الأمر الذي سيستحسنه المجتمع ولن يكون هناك عليه غبار. انتمى البشبيشي، الذي ولد في 17 سبتمبر 1960، للإخوان في نهاية السبعينيات ومطلع الثامنينيات، كان أول من مارس الدعوى للإخوان في مركز كرداسة التابع لمحافظة الجيزة، ونجح في بناء تنظيم إخواني يعتمد عليه في انتخابات مجلس الشعب التي خاضتها الإخوان بفضل ما عرف عنه من التزام خلقي وتوجه إسلامي وسعيه على الدوام أن يقول ما يفعله ويفعل ما يقوله. كما كان البشبيشي أحد قيادات الإخوان الذين يعتمد عليهم في محافظة الجيزة، إلا أن صدامه المتكرر مع آراء الجماعة حال دون تصعيده في تنظيم الإخوان، حيث كان أخر ما وصل إليه البشبيشي هو عضوية مجلس إدارة منطقة كرداسة ثم مسؤول المنطقة. ومع تكوين حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان، كان البشبيشي أحد مؤسسيه وتم انتخابه في عضوية أمانة الحزب بمحافظة الجيزة، ونظرًا لقدراته على الحشد، أسند إليه ملف الانتخابات بالأمانة العامة لمحافظة الجيزة ونجح في تحقيق نجاحات كبيرة للحزب في الجيزة، كما كان أحد أعضاء الحزب بمجلس الشعب المنحل بقرار من المحكمة الدستورية. وتعتبر الإطاحة بشباب الإخوان المنتمين لمحافظة الجيزة، أحد أهم الصراعات التي خاضها البشبيشي ضد مكتب إرشاد الجماعة، حيث كان يرى البشبيشي في شباب الإخوان الذين يتم الإطاحة بهم الواحد تلوى الآخر، أنهم أصحاب الفضل في أن يكون للإخوان دور في ثورة "25 يناير"، وكان يفضل دائما إلى الاستماع لهؤلاء الشباب لأنهم يمثلون خبرات لا يستهان بها كما كان يرى أنهم أكثر اندماجا في المجتمع المصري الجديد ويجب عدم فصلهم. ضرب البشبيشي بقرار جماعة "الإخوان المسلمين"، الخاص بترشيح الدكتور محمد مرسي لرئاسة الجمهورية عرض الحائط وعمد إلى دعم أبوالفتوح وأعلن ذلك مرارا وتكرارا ثم انتهت علاقاته بالجماعة بتقديم استقالته من الإخوان جماعة وحزبا والانضمام لحزب مصر القوية الذي أسسه مثله الأعلى الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح بعد خروجه من غمار السباق الرئاسي في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية التي شهدتها مصر في أبريل من العام الماضي. وبعد انضمامه ل"مصر القوي" واجه البشبيشي صدامات عنيفة مع شباب الحزب، أبرزها الخلافات حول موقف مصر القوية من التصويت على الدستور ففي الوقت الذى كان فيه شباب الحزب يعارضون الدستور كان يؤيد البشبيشي التصويت عليه ب"نعم"، ثم تصاعدت الخلافات بعد ذلك حتى أعلن استقالته أمس السبت 4 مايو 2013. أما بالنسبة لصاحب الاستقالة الأخري مصطفى كمشيش، فكان محسوباً على الجناح الإصلاحي داخل جماعة الإخوان المسلمين بزعامة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، وهو الأمر الذي جعله في خلافات كثيرة داخل الجماعة. تدرج كمشيش، الذي ولد في 3 مارس 1960، في التنظيم الداخلي للإخوان، وأصبح مسؤول منطقة في بولاق وفيصل وناهيا، وتم اختياره عضو مجلس شورى محافظة الجيزة داخل التنظيم، حتى نُقل إلى مدينة الشيخ زايد، وكان من المفترض الاستعانة به في التنظيم الإداري نظراَ لخبراته التنظيمية، ولكن ذلك لم يحدث، وأدرك بعدها أن ذلك بداية تصفيته بالجماعة. كما حدت آراء كمشيش السياسية من تصعيده في التنظيم الإخواني، رغم قدراته التنظيمية العالية، واصطدم بنائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المهندس خيرت الشاطر، حتى وصل الأمر بأن قال كمشيش للشاطر، إن قيادته للجماعة ستؤدي لنهايتها، وأن الجماعة ستفقد مناعتها لو استمرت بهذا الشكل في الخلط بين الدعوي والسياسي. كان كمشيش قدم أطروحة بأن تتحول الجماعة للدعوة والأعمال الخيرية والاجتماعية بعيداً عن السياسة على غرار جماعة "فتح الله كالوم" التركية، وفي المقابل يتم إنشاء حزب سياسي بعيداً عن الجماعة يضم بعض قيادات الإخوان ومن كان عضوا في مجلسي الشعب الشوري من الجماعة، وهذا ما يتعارض مع سياسات خيرت الشاطر. واجه كمشيش معركتين داخل الجماعة بعد ثورة 25 يناير، الأولى هذه المعارك بسبب الإطاحة بشباب الإخوان الذين خروجوا عن مبدأ السمع والطاعة، فيما كانت المعركة الثانية بسبب تأيده لأبوالفتوح في انتخابات الرئاسة ورفضه ترشيح أحد من الجماعة، وكان يرى أن عدم دعم أبوالفتوح "خطأ استراتيجي". أدرك مصطفى كمشيش أنه يتم تصفيته داخل الجماعة، فانضم لحملة أبوالفتوح الرئاسية وشارك في تكوين حزبه "مصر القوية" قبل أن تحدث بعض الخلافات بينه وبين رؤى الحزب منذ إعلان "مصر القوية" رفضه لمسودة الدستور فيما كان كمشيش يوافق عليها، قبل أن يقدم استقالته على "فيسبوك" صباح أمس السبت.