تشهد السودان مظاهرات عنيفة دخلت يومها الثالث وسقط خلالها عشرات القتلي علي خلفية رفع الحكومة للدعم عن الوقود. وأدت موجة الاحتجاجات التي اتسعت رقعتها لتشمل عدة مناطق في البلاد إلي حرق عدد من الممتلكات العامة والخاصة ما دفع السلطات لمحاولة التصدي لها باستخدام القوة ضد المتظاهرين وغلق المدارس وحجب خدمة الإنترنت. الاحتجاجات التي بدأت رقعتها تتسع في أنحاء السودان بدأت تأخذ منحا تصاعديا منذ ارتفاع عدد القتلي في صفوف المتظاهرين المحتجين علي قرار السلطات السودانية رفع الدعم عن أسعار المحروقات هذه الاحتجاجات ليست الأولي التي تشهدها السودان لكن المراقبين يصفونها اليوم بكونها الأكبر منذ تولي عمر البشير حكم البلاد. وقد وصف عدد من المحللين السياسيين السودانيين ان الاحداث بدأت بشكل عفوي دون أن تؤطر سياسيا فلا أطراف سياسية تقف وراءها ولا شعارات رددها المتظاهرون ولا ميدان في السودان يجمع المتظاهرين رغم وجود ثلاثة ميادين كبري كميدان المولد في الخرطوم وميدان عقرب في بحري وميدان الخليفة في أم درمان. المحلل السوداني صالح ادوما اكد لجارديان البريطانية ان الحركة الاحتجاجية لا تزال في بدايتها لكن إذا استمرت علي هذا النسق وإذا ما شهدت تصعيدا أكبر فإنها قادرة علي إسقاط النظام في غضون أسبوعين أو ثلاثة علي أقصي تقدير. ويضيف. الاحتجاجات في السودان ليست أمرا جديدا فقد اندلعت في ديسمبر الماضي احتجاجات أيضا أسفرت عن سقوط قتلي. لكن هذه المرة تميزت هذه المظاهرات بمشاركة عدة أطياف من المجتمع وكذلك اتساع رقعتها جغرافيا. فهي الآن في كل المناطق السودانية حتي البعيدة منها عن العاصمة. لكن المحلل السياسي يري أن هذا التحرك لا يزال يفتقد للتنظيم ولقيادات توجهه وتؤطره. وعن احتمال أن يكون هذا التحرك بداية هبوب ما يسمي "الربيع العربي" الذي أطاح بأنظمة عربية قوية قال المحلل إن كل الأسباب التي أسقطت هذه الأنظمة من فساد وبطالة وفقر قد اجتمعت في السودان بل هي أسوأ هنا" حيث إن النظام السوداني قام بتكريس الطابع القبلي وفكك النسيج الاجتماعي للدولة مما فتح المجال أمام القبائل للتناحر في ما بينها". ويؤكد المحلل علي خطورة الوضع الراهن حيث أن موظفي القطاع العام مثلا لم يذهبوا إلي عملهم بسبب توقف وسائل النقل العام والتخوف من إحراق السيارات الخاصة وإحراق محطات التزويد بالوقود. كما تم إغلاق المدارس والجامعات وقطع خدمة الإنترنت في الخرطوم علي الأقل وفي باقي ربوع السودان بحسب مصادر غير مؤكدة بعد. ويري المحلل السوداني أن مبادرة الصادق المهدي زعيم حزب الأمة المعارض بالتظاهر سلميا كما أن دعوة محمد عثمان المرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي أتباعه للانسحاب من الحكومة. قد تكون بداية شعور بأن هذه الاحتجاجات لن تشبه سابقاتها.