اعتذار د. مصطفي الفقي قرأت في الصحف خلال الأيام الثلاثة الماضية اعتذارين صريحين للدكتور مصطفي الفقي خلال لقاءاته مع شباب الثورة الذين يسعي إلي كسب تأييدهم ودعمهم لترشيحه أمينا عاما لجامعة الدول العربية. في عدد السبت الماضي 16 ابريل نشرت صحيفة "الشروق" الاعتذار الأول للدكتور الفقي في روايتها لما حدث خلال لقائه مع شباب الثورة حيث قالت: "سأل الثوار د. الفقي عن ترشحه عام 2005 أمام جمال حشمت في دمنهور فقال: "لم أكن أنوي الترشح أمام حشمت بسبب شعبيته.. ولكن الحزب الوطني هو الذي اختارني ثم فوجئت بأني نجحت لأن النظام كان يعتزم اسقاط حشمت". وأضافت "الشروق" علي ذلك قائلة: "واعتذر الفقي عن ترشحه هذا". وفي نفس اليوم السبت نشرت "المصري اليوم" في روايتها لما حدث في اللقاء ذاته أن د. الفقي "كشف عن تعرضه لضغوط من الحزب الوطني للترشح في انتخابات مجلس الشعب بدائرة دمنهور في 2005 امام مرشح الإخوان وقال: "النظام السابق أراد اسقاط الدكتور جمال حشمت مرشح الجماعة.. فأجبرني علي الترشح أمامه.. ولم أكن أريد ذلك". أما الاعتذار الثاني فقد نشرته "المساء" في عددها الصادر أمس علي النحو التالي: "أكد عصام الشريف المتحدث الرسمي للجبهة الحرة لتنظيم شباب الثورة أن د. مصطفي الفقي المرشح لمنصب أمين عام الجامعة العربية أبدي اعتزامه عقد مؤتمر صحفي بنقابة الصحفيين لتقديم اعتذار للشعب المصري عن فترة دعمه للنظام السابق وقبوله عضوية مجلس الشعب بطريقة ثبت أنها غير سليمة وغير مشروعة. وخلال لقاءات د. الفقي مع شباب الثورة أتبع اعتذاره بعبارات ذات مغزي كقوله: "لم أكن عنتر شايل سيفه" وقوله: "اعتبروني أحسن الوحشين" وقوله: "لست خائنا ومصر كلها ارتبطت بالنظام السابق".. وقوله "كنا شرفاء في ظل النظام الفاسد".. وقوله "لم أكن ملاكا" وكنت أتحاشي بطش النظام السابق. علي الجانب الآخر طلب منه شباب الثورة أن يعلن موقفا محددا وواضحا تجاه القضية الفلسطينية وفتح المعابر مع غزة والثورات العربية. وقد توقفت كثيرا أمام اعتذار د. الفقي.. فالاعتذار شجاعة.. خصوصا إذا كان صادقا وصادرا عن قناعة وإحساس خالص من القلب بالخطأ.. ولا يقدر علي الاعتذار إلا أصحاب الهمة العالية الذين يدركون جيدا أن الاعتذار لا يقلل من شأنهم بل يرفع قامتهم وينقي سريرتهم من هم ثقيل يشعرهم دائما بالذنب إن كانت ضمائرهم مازالت حية. وبالطبع شدني هذا الاعتذار الواضح إلي أن أتذكر تلك الأيام الصعبة في انتخابات عام 2005 وقد كنت أحد المشفقين علي الدكتور مصطفي الفقِي في تلك المعركة وكان تقديري أنه سيخرج منها خاسرا.. فالرجل ليس في حاجة إلي عضوية مجلس الشعب لكي يتبوأ موقعه المتميز علي الساحة السياسية.. وليس في حاجة إلي أن تزور من أجله الانتخابات.. وليس في حاجة إلي أن يدافع دفاعا مستميتا ويضحي بمصداقيته وسمعته السياسية لاثبات أنه نجح بدون تزوير. لا أدري لو كنت مكانه ماذا كان بمقدوري أن أفعل حينذاك.. لكن المؤكد أن شهادة المستشارة الفاضلة نهي الزيني كانت تكفيني جدا لكي أعلن علي الملأ رفضي دخول مجلس الشعب بالتزوير.. وعلي جثة مرشح آخر أعلم علم اليقين أن النظام يريد اسقاطه ويستخدمني مخلب قط في مخططه.. كما أنني أعلم علم اليقين أن هذا النظام ليس فوق مستوي الشبهات في معاركه السياسية. وللحق فإن النظام لم يلعب هذه اللعبة القذرة مع د. مصطفي الفقي وحده.. فهناك آخرون محترمون استخدمهم بنفس الطريقة.. وتعمد تشويه صورتهم النظيفة أمام الجمهور بتزوير الانتخابات لصالحهم ضد رغبتهم.. وكنت شاهدا علي تجربة مريرة لأحد الوزراء نظيفي السمعة حينما كان يقاتل علنا لمنع التزوير لصالحه في إحدي دوائر الجيزة.. وساعتها قيل له بصريح العبارة: "لابد أن تنجح ولو بالتزوير.. ليس من أجلك ولكن من أجل الحزب الوطني والحكومة والرئيس". ولو تحقق ما أراده شباب الثورة.. وعقد د. الفقي مؤتمرا صحفيا بنقابة الصحفيين للاعتذار علنا عن قبول التزوير وارتباطه بالنظام السابق فإنه بذلك سيضرب عصفورين بحجر واحد.. سيبريء ويطهر نفسه من العبء الثقيل الذي لا شك يؤرق ضميره وسيساعد علي تكريس ثقافة الاعتذار في المجتمع المصري.. وبالذات الاعتذار السياسي.. وهي ثقافة جديدة علينا تناسب تماما عصر الديمقراطية القادم. وليت كل السياسيين والكتاب وكل من تورط في سلوك سياسي لا يرضي ضميره يسارع اليوم إلي الاعتذار علنا.. وياليت كل الذين انحرفوا عن جادة الصواب من أجل الحصول علي ما فوق حقوقهم أن يبادروا الي الاعتذار العلني لعل الشعب يقبل اعتذارهم.. وبذلك يطهروا أنفسهم مما ران عليها من أوزار. تعالوا نحتفي باعتذار د. الفقي.. ونقبله مع شباب الثورة عن طيب خاطر.. ونشكره علي مبادرته الانسانية الراقية وندعو الله ان يغفر لنا وله.. فكل ابن آدم خطاء.. ومن كان بلا خطيئة فليرجمها بحجر.. ثم تعالوا نعلن وبكل قوة تأييدنا ودعمنا له باعتباره مرشح مصر كلها لمنصب أمين الجامعة العربية.. فالرجل رغم كل شيء يستحق.