أصبحت المواجهة الآن معلنة وحاسمة بين مؤسسات الدولة المصرية وعناصر التطرف التي خرجت علي إرادة الشعب المصري. وأصبحت منفذة لخطط أمريكا والغرب في تفتيت مصر وإقامة ما تسميه الشرق الأوسط الجديد. بعد وساطات وتدخلات من أفراد وكيانات عدة لحقن دماء المصريين لم تسفر عن أي نجاح. جاء اضطرار أجهزة الشرطة لفض الاعتصامات ومنع ممارسة العنف في الشوارع وإثارة الذعر لدي المواطنين وكل محاولات الجلوس علي مائدة الحوار السياسي السلمي رفضها المتطرفون. ممن ينتمون للإخوان ومن يساندونهم من جماعات أخري إرهابية خرجت من رحم المواجهات الدموية التي شهدتها مصر طوال فترة الثمانينيات وما بعدها.. وكذلك دخل علي الخط ما يسمي بالتنظيم الدولي للإخوان الذي أسسه سعيد رمضان منذ الخمسينيات بدعم من المخابرات الأمريكية.. كل محاولات الجلوس علي مائدة التفاوض وإدخال هذا الكيان المتطرف تحت عباءة الوطن. فشلت فشلا ذريعا وانتقلت القضية لتحسم أمنيا من خلال الشرطة وبدعم القوات المسلحة ومن ورائهما الشعب وسائر مؤسسات الدولة. إلي متي يمكن أن يستمر هذا الوضع وهذه المواجهات؟ وما هو مصير ومستقبل هذا التيار المتطرف الذي عانت منه الدولة الإسلامية منذ نشأة الخوارج أيام الإمام علي حتي الآن؟ هل سيعود هذا التيار إلي جادة الصواب ويتراجع عن المواجهات الدموية وإحراق المؤسسات والكنائس والمتاحف ويعترف بأخطائه وينضم إلي اللحمة الوطنية ليمارس عملا سياسيا ديمقراطيا؟! أم أن خط الرجعة قد قطعه بنفسه وليس أمامه إلا التسليم أو الفناء بصفته جماعة إرهابية؟! المبدعون والمفكرون يطرحون رؤاهم الآن حول وضع هذه التيارات ومستقبلها في مصر. * يذكر محمد أبوالعلا السلاموني أن الوجه الدموي الذي ظهر به الإخوان هو الوجه الحقيقي لكل تيارات التطرف وقد كان يعمل تحت الأرض منذ عام 1928 جزء صغير منه ظاهر والجزء الأكبر مختف تحت الأرض ومتمثل في التنظيم الخاص وعملياته لاغتيال الرؤساء والوزرواء والمفكرين والأدباء والقضاة.. لقد مارسوا العنف مع جميع فئات الشعب. يوازي هذا التنظيم السري الدموعي كما يؤكد السلاموني التنظيم الدولي وكان له كذلك ظاهر وباطن ونشأ علي يد سعيد رمضان زوج بنت حسن البنا وكان في الخمسينيات لقاء شهير بينه وبين الرئيس الأمريكي ايزنهاور من أجل توظيف هذا التيار لخدمة أمريكا والغرب في مواجهة المعسكر الاشتراكي أثناء الحرب الباردة وكذلك ضد القوي الوطنية في مصر وغيرها من الدول العربية بصفتها قوي معادية للاستعمار. إنهم كيان جامد الفكر لا يتعلم من التجارب وقد ارتبط بالصهيونية العالمية وبالماسونية في توجهه وبنيته ولذا فهو لا يعترف بالوطن ولا يري إلا نفسه فقط بل ويؤكد جمال البنا أخو حسن البنا أن الإخوان يعبدون أنفسهم من دون الله! أتصور أن الفترة القادمة ستشهد ممارستهم لعمليات إرهابية علي المستوي الداخلي كما أن أمريكا سوف توظف هذا التيار الذي تتبناه من أجل مواجهة قوة الصين الشيوعية الجبارة وكذلك مواجهة إيران بصفتها دولة شيعية بعد أن خسر التنظيم هذا أرضيته في مصر وسقط الرهان الأمريكي عليه داخليا.. أمريكا سوف توظف التنظيم وخاصة التنظيم الدولي في مواجهاتها الخارجية في الصين وإيران وكانت من قبل قد وظفته في مواجهة الاتحاد السوفيتي أثناء احتلاله لأفغانستان. * عز الدين نجيب: كل احتمالات المستقبل بالنسبة لتيارات التطرف مرتبطة بتصرفات الدولة تجاههم: هل ستعيد النظر في الكيان الرسمي للإخوان كجمعية أهلية؟ وماذا عن كل ما سبق ذلك من مخالفات قانونية وما أدي إليه عملهم الإجرامي من الإضرار بالوطن وبالشعب من اقتناء أسلحة والاعتداء علي المتظاهرين السلميين في المقطم وأمام قصر الاتحادية؟ مثل هذه التصرفات كفيلة بحل هذه الجمعية حتي لو كانت شرعية. وبقاء الإخوان كتنظيم ديني له شروط كذلك وبقاؤهم جمعية أهلية له شروط.. أما كجماعة سياسية فهو أمر مرفوض.. فلا يجوز أن تعمل الجمعية الدعوية بالسياسة.. أما ما يتعلق بالحزب الذي أنشأته الجماعة فالمرجع فيه إلي نظام إنشاء الأحزاب وقانون إنشائها وما إذا كان سيبقي أم سيتم تعديله لتطبيق مبدأ الفصل بين السياسة والدين وبالتالي لا يجوز إقرار أحزاب ذات مرجعيات دينية. لو تم فصل الدين عن السياسة وحسم وضع الجماعة بشكل قانوني مع محاسبة المسئولين عن الأعمال الإجرامية التي مارستها من قبل فأهلا وسهلا بهم لدخول الحياة السياسية من بابها الطبيعي بعيدا عن الإرهاب والعنف باسم الدين.. الأمر في يد الحكومة الحالية وعليها أن تتخذ قرارا بشأن الجماعة أما الحزب فيتوقف وجوده علي الدستور الذي يتم تعديله الآن وموقفه من الأحزاب الدينية. * منتصر ثابت: تصوري لمستقبل التيارات المتطرفة والإرهابية أنها ستنحسر قريبا.. والشعب أخذ قراره بكسر هذه الموجة.. فهذه ليست طبيعتنا.. وقد شهدنا موجات سابقة شبيهة بما يحدث الآن أيام عبدالناصر وما كان من استهداف للكنائس والمنشآت العامة وما ضبط لديهم من أسلحة مخبأة في المقابر والزراعات والبيوت.. ثم نجح الوطن في تجاوز كل هذا وسوف ينجح هذه المرة أيضا. كان الشعب يتعاطف معهم من قبل بصفتهم جماعة مستضعفة أما الآن وبعد الاعتصامات المسلحة في رابعة والنهضة ومهاجمتهم للمؤسسات والكنائس والطرق والمرافق وحتي إحراقهم لجامع رابعة نفسه فقد أفاق الشعب وتنبه لمخاطرهم المحدقة بالوطن وكونهم فصيلا غير وطني. بل مجموعة إرهابية. لابد من فرض هيبة الدولة بقوة.. لقد احرقت الكنائس والناس ساكتون ولم يكن لهم رد فعل. بل وقال البابا إن كل كنائس مصر قربان للوطن.. ولكن لابد من الحسم حتي لا تنفض الناس عن الدولة التي فوضوها في الدفاع عن الوطن. ويري كل من أحمد عبده محمود السيد ومحمد أبوشادي أن المتطرفين بعد أن أغلقت أبواب مصر في وجوههم سوف يكثفون أعمالهم العلنية والسرية في دول أخري كتونس وليبيا وسوريا. كما سيوزعون الأدوار علي أنفسهم فيعلن بعضهم خروجه علي الجماعة ليتمكن من تكوين أحزاب والتغلغل في المجتمع المصري بأشكال تبدو بريئة ومسالمة كما أنهم سيسعون إلي اختراق الكيانات السياسية الموجودة حاليا والنفاذ منها إلي السلطة التشريعية والتنفيذية علما بأنهم حتي الآن مازالوا يحتفظون بمواقع استولوا عليها خاصة في المؤسسات الصحفية القومية والإعلام وعدد كبير من الوزارات.