من يرغب في ممارسة العمل الثقافي والتواصل مع الشعب. فلن يوقفه أي معوق لتحقيق هدفه السامي. فالثقافة انتاج دائم ومتجدد من الشعب نفسه وبالتالي فهي قادرة علي الوصول إليه بدون مراسم وطقوس وقصور وتصاريح وموافقات أمنية!! فرغم ان قصر ثقافة الفيوم ممنوع من اقامة أية انشطة به بسبب إجراءات الحماية المدنية وتعطل تسليم المقاول لبعض الأجهزة والامكانات التي تم توفيرها فعلا فإن كلا من منتصر ثابت مدير عام الثقافة ومحمد الشربيني مدير القصر وفريق العمل معهما. لم يقف مكتوف الأيدي ويميل إلي الراحة والاستجمام والبعد عن "وجع الدماغ"!! بل نشط هذا الفريق خلال الفترة الماضية. وملأ سماء المدينة ابداعا أدبيا ومسرحيا وتشكيليا وغنائيا. وتنقل بهذه الأنشطة ما بين المدارس والمكتبات وحتي بهو القصر. بعيدا عن قاعاته وغرفه. ومع اجتياز منتصر ورفاقه حاجز تجميد القصر. فإنهم اجتازوا كذلك مسألة الامكانات المادية ولم ينتظروا أن تسقط عليهم الميزانيات الضخمة من هيئة قصور الثقافة ولا من غيرها. بل أقاموا أنشطة مسرحية وندوات ومناقشات بأقل تكلفة ممكنة. اعتمادا علي العنصر البشري قبل أي عنصر آخر. كما أقاموا معارض تشكيلية تعتمد علي خامات من البيئة بدون أية تكلفة. ووفر بعض الموظفين الفنانين بعض الخامات من جيوبهم الخاصة. في يوم واحد شهد جمهور الفيوم مجموعة من الأنشطة المتتالية بدأت من مكتبة اليوم العامة بمعرض للآثار المصرية المقلدة. أي التي قام الأطفال بتصميمها وتنفيذها بأنفسهم مع مروة محمود عطية المشرفة علي المعرض وفيه سرد واقعي وعملي لقرون من التاريخ المصري وأبرز معالمه وأحداثه ورموزه من فراعنة ومن آثار فرعونية وقبطية وإسلامية مع تعريفات موجزة لها - كما تقول مروة - حتي يرتبط الطفل بتاريخ وطنه بطريقة غير إنشائية ولا وعظية.. وفي القاعة نفسها صمم الأطفال أجهزة تعمل بالطاقة الشمسية ويجري تشغيلها فعلا ومنها نموذج للفرن وآخر للغسالة وغيرها. وتتواصل الأنشطة التشكيلية بعدة معارض متخصصة أقيمت "تحت سلم القصر" منها معرض باشراف هناء عطية وهناء حسن فرج وهو يركز كذلك علي انتاج الاطفال من الأشكال المستقاة من بيئة الفيوم. كالقرية المتكاملة وأبراج الحمام والسواقي. وهناك معرض تشكيلي للتصوير الزيتي باشراف محمد الشربيني واسراء فراج ويضم 9 لوحات تتسم بالنضج والحرفية لفنانين من أجيال عدة هم: أميرة محسن واسراء فراج وشمس الدين حسين وأحمد شمس وآية عادل وندا أحمد ود.محمد محمود.. ثم معرض للأعمال اليدوية المصممة جميعا من الخشب والخيش لأدوات تراثية مثلا "الشكمجية" باشراف أسماء فريد وبرافان بتصميما مبتدعة من الجلد لولاء عشري وعدة مجسمات لسمية أشرف وفرح محمد وأسامة خالد ووفاء عاشور واسراء الشريف وأحمد شمس. والراصد للحركة التشكيلية في الفيوم يلاحظ نبوغا وتفوقا لعدة أجيال. ابتداء من الأطفال في الرابعة الابتدائي حتي خريجي الجامعة. لا من الفنون الجميلة فقط. بل من كليات وتخصصات عدة.. ولو وجدت هذه الحركة رعاية منظمة وتوجيهها وإعلاما دائما فسوف تقدم الكثير لمصر كلها. وفي مجالات أخري غير الفن التشكيلي. شهدت مكتبة الفيوم عرضا مسرحيا من الأطفال وإليهم. أي ان أبطاله جميعا من الأطفال وهو يحمل رؤي حول الوضع السياسي الراهن. ومحاولات بعض الفئات الخارجة عن إجماع الشعب وطبيعته. نشر الفتن والطائفية والاحتماء بالأجنبي ضد الوطن.. وقد قام المخرج محمد بطاوي بنقل هذه الرسالة عبر أحداث تاريخية قريبة. كالفترة الناصرية التي أذابت الفوارق بين الشعب وتصدت للاستعمار ونشرت العدالة والمساواة في مقابل فترة مررنا بها منذ شهور كانت تنشر البغضاء والظلم والاستبداد وتنسف حقوق الإنسان في الحرية والابداع وتوفير قوت يومه واحتياجاته الضرورية.. كما استعان المخرج في عرضه هذا "كوبي بست" بمكونات تراثية مصرية في اشارة إلي ارتباط الماضي بالحاضر واستحالة قطع مصر عن جذورها.. هنالك أدوات استخدمت في العرض مثل "الهون" وغطيان الحلل والملاعق والأكواب لتتحول إلي آلات موسيقية ايقاعية بالاضافة إلي قيمتها الرمزية. العرض كشف عن مواهب الممثلين الاطفال وقدرتهم علي الحركة في المكان الضيق وعلي التعبير الجسدي ونقل الفكرة بأبسط الامكانات.. فكان من هؤلاء الموهوبين: يسرا محمود ومحمود ياسين ومصطفي طارق وأحمد عبدالحميد ومحمد طارق ودينا الليموني وأميرة رجب وسارة أحمد وشيماء الليموني وغيرهم. ومواصلة لفكرة العروض الجميلة والمتقشفة ماديا قدمت فرقة صلاح حامد المسرحية عرضا غنائيا حركيا موسيقيا بعنوان "سهراية" برؤية لأحمد طه ويعتدم علي تضفير نخبة كبيرة من الأغاني التراثية لسيد درويش وآخرين من رموز الابداع المصري العظيم وتنتقل الفرقة بالمستمع من دور إلي دور ومن مقام لمقام ومن معني لمعني بشكل معبر وموظف للحظة الراهنة.. وقد ذكر منتصر ثابت ان الفرقة أعدت ورشة حفظت في خلال حوالي مائة لحن ويتم تقديم فقرات منها سحب طبيعة المناسبة والظروف كما انه ليس عرضا مسرحيا بشريحة معينة يقدم عدة ليال وينتهي بل هو عرض مستمر ودائم وقابل لأن يقدم في أي مكان بدون أية امكانات سوي بعض الأجهزة الصوتية. عرض "سهراية" قام بالتدريب الموسيقي والغنائي فيه حسن شاهين والأداء الحركي ضياء والبطولة لعدد كبير من الشباب منهم: مصطفي الدوكي وأحمد صبري وولاء شعبان وأسامة الغمري ورانيا شعبان وايمان تقي ومحمود عبدالتواب وايمان طه وكريم سيد وراندا شريف واحمد نجيب ويسرا محمود.