علي الرغم من أن الصعيد "شاعر" بطبعه.. سواء كان الشعر فصيحاً أم عامياً أم ترجلاً.. وسواء أكان عديداً أم حكمة أم سيرة شعبية لأن هذا الصعيد يكن داخله الحزن التاريخي العميق. وإحساس القهر وفقدان العدالة علي مدي فئات السنين.. وهذا الحزن لا يتسرب غالباً إلا عبر خيوط الشعر. لكن هذا لا يمنع أن ينبغ من بين أبنائه قاص أو روائي من حين لآخر أمثال بهاء طاهر ويحيي الطاهر عبدالله.. وحتي من بين الأجيال الجديدة تظهر أصوات روائية عذبة كصوت محمود رمضان الطهطاوي وخاصة في روايته الجديدة الصادرة عن مسلسله "إشراقات جديدة" بعنوان "للعشق أوجاع وهذه منها".. لتعزف علي وتر رومانسي حساس ومرهف رهافه المشاعر الجنوبية.. وينبغ محمود الطهطاوي في رسم لوحات وصفية في روايته هذه ومنها في صفحة 10 وهو يصف جمال عيني بطلة الرواية يقول:" كل من حولها يبحلق في جمالها شباك الحجرة أظل بعينين فاجرتين فاخترقتا جمالهما الفتان. باب الحجرة نظر بعينين تنطلق منهما الرغبة وقال: هيت لك. حيطان الحجرة همست برقة دهائها الامع وهي تأكلهما: ما أجملها سقف الحجرة فضح نفسه وهو يفترس بعينيه عينيها اللمبة التي تتوسط الحجرة تداعب بضوء عينيها أهداب العينين المشرعتين المكتب الجالسة قبالته يبصبص عن قرب. أما الكرسي فيشعر بالاختناق وهو مقيد تحتها يريد أن ينطلق يفقز ليشاهدهما. حتي الأرض ببلاطها اللامع العاري من الفرش أخرجت عيونها من جفونهما وراحت تتأمل الجمال القابع فوقها. شعر بالغيظ يأكله. وهو يهمس لذاته: لماذا يبحلقون فيها هكذا ؟! لماذا كل هذه العيون تحاصرها. وتنظر كل حسب وجعه من ينظر بشبق ومن ينظر بدهشة. ومن ينظر بإعجاب . ومن ينظر بحب. ومن ينظر بوله. ومن ينظر بعشق. ومن ينظر ويسبح الله الخالق لهذا الجمال.