في غمرة الانشغال بملاحقة رموز الفساد من المسئولين وأتباعه. نسي الجميع أو تناسوا ملاحقة رموز الفساد من المثقفين. أو بمعني أدق من المحسوبين علي المثقفين. إن هؤلاء المحسوبين علي المثقفين والمبدعين هم الأشد خطراً علي الثورة. وشئنا أم أبينا فإن لهم تأثيراً كبيراً. خاصة علي البسطاء من الناس. وكذلك علي المبدعين المبتدئين الذين يقعون في شراكهم بحكم خبراتهم القليلة وسعيهم إلي من يعتقدون أن بيدهم النشر لهم وتقديمهم إلي الحياة الأدبية وإشراكهم في جمعيات أو جماعات أدبية. هي أشبه ب "شلة" مصالح ولا مصداقية لها في الأوساط الأدبية. لقد اكتشفنا فجأة وعلي حين غرة أن من كانوا يأكلون علي كل الموائد وينافقون كل مسئول بيده أن يوفر لهم فرصة للصعود. أصبحوا ثوريين. بل وقواداً للثورة ويسعون إلي ركوب الموجة والظهور في ثوب المناضلين الفاتحين. مع أن "الأرشيف" لا يكذب.. ذلك الأرشيف المتخم بمقالاتهم المنافقة المستجدية. والغريب أن من كانوا ينافقونهم بالأمس. أصبحوا اليوم علي يدهم عملاء وخونة تستوجب محاكتهم.. وأنت عندما تقرأ هذه الكتابات تضرب كفاً بكف وتقول: "ويخلق ما لا تعلمون"! ورغم أنهم بارعون في الكذب والتضليل ورغم أنهم من عتاة المتآمرين. فأنا لا أدعو إلي وضعهم في قوائم سوداء ولا حاجة. هذه طريقتهم في الانتقام من خصومهم. ولا يجب أن ننزل إلي هذا المستوي المتدني الذي لا يعرف شرفاً ولا ضميراً.. الأيام وحدها كفيلة بكشف زيفهم وعدم شرفهم.. كل ما علينا هو أن ننتبه إلي سمومهم التي يحاولون بثها في عسلهم الأسود الفاسد. أطرف ما في الموضوع أن بعضهم مدان في قضايا فساد وتربح. أوراقه أمام النيابة. وسرقاته وتزييفه وخياناته يعرفها الجميع. لكنه خلع برقع الحياء وراح يعيث في الأرض فساداً اعتماداً علي أن الناس بلا ذاكرة.. لقد انتعشت ذاكرة الناس أخي المناضل واختي المناضلة. وأصبحوا - لو تعلمون - ينظرون إليكم باحتقار شديد. وإلي جوار هؤلاء الفاسدين. فاسدون من نوع آخر. لا مؤهلات ولا مواهب. ومع ذلك فالترجمات علي ودنه. ليس بسبب عظمة أعمالهم. ولكن لأنهم بارعون في "إرضاء الغرب" من خلال كتابات فجة وتافهة تعطي الغرب الصورة التي يجب أن يرانا عليها. وهي صورة مزيفة وغير حقيقية. هناك وصفة جاهزة يتبعها هؤلاء الكتاب وهي تأكل مع الغرب وتأتي بالترجمات والسفريات وخلافه. وهناك "مافيا" إعلامية تنشط في الترويج لهؤلاء والاحتقان بهم. وتقديمهم إلي القراء علي أنهم كتاب عالميون. تفعل "المافيا" ذلك إما عن جهل. وإما عن قصد رافعة شعار "الإفادة والاستفادة". ولأننا نعيش في ظل أجواء ثورة شريفة ومحترمة وأخلاقية. فإن المطالبة بالمنع أو الحجب أو حتي المطاردة. تصبح خروجاً علي "أخلاقيات" هذه الثورة.. ليس مطلوباً سوي الانتباه إلي هؤلاء الفاسدين والتنبيه إليهم وإلي خطرهم الذي يستغل أجمل ما في الثورة.. لإشاعة أسوأ ما سعت إلي اجتثاثه: الفساد!