* يسأل جميل محمد أحمد عمران مدير مدرسة المهندسين الاعدادية: هل يجوز تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم.. وهل تصح وصية المسلم للذمي.. وكذلك هل يجوز تعزية غير المسلمين؟! ** يجيب الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم لا بأس بها لمن كان بينه وبنيهم صلة قرابة أو جوار أو زمالة. أو غير ذلك من العلاقات الاجتماعية. التي تقتضي حسن الصلة. ولطف المعاشرة التي يقرها العرف السليم والأدلة علي ذلك كثيرة منها: الأول: قال الله تعالي: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين". وجه الدلالة: أمر الله تعالي بالبر إليهم وهو من أعلي درجات الاحسان كما في بر الوالدين ومن البر لمن لم يقاتل المسلم في دينه ولم يخرجه من دياره وأهله ان يهنئه بعيده ولا يلزم من تلك التهنئة ان يكون المسلم موافقاً لهم في اعتقادهم. الثاني: روي الشيخان بسندهما عن اسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - انها جاءت إلي النبي - صلي الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ان أمي قدمت علي وهي مشركة. وهي راغبة "أي في صلتها والإهداء إليها" أفأصلها؟ قال: "صلي أمك" "متفق عليه". وجه الدلالة: فقد أجاز النبي - صلي الله عليه وسلم - لأسماء ان تبر أمها وهي مشركة عابدة للأوثان كافرة بالله واليوم الآخر. الثالث: قال الله - تعالي - "اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم". فأباح الله - عز وجل - للرجل المسلم ان يتزوج من الكتابية ومن المعلوم ان الزوج والزوجة يكون بينهما مودة ورحمة كما قال الله - تعالي -: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون". فإذا ما جاء العيد كيف يتعامل المسلم صاحب الخلق الرفيع والمعاملة الطيبة مع رفيقة عمره وأم أولاده وكيف يظهر لها سماحة الإسلام ورحمته؟ فإذا ما هنأها بعيدها أيكون قد رضي بالكفر وبالتالي يكون قد كفر بالله واليوم والآخر؟! هذا غير معقول. الرابع: قال الله - تعالي -: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" فإذا هنأ الكتابي المسلم وحياه هل يرد عليهم التحية بأحسن منها كما أمر القرآن الكريم أم يهمله أم يعنفه؟. لا يحسن بالمسلم أن يكون أقل كرماً. وأبخس حظاً من حسن الخلق من غيره. والمفروض أن يكون المسلم هو الأوفر حظاً. والأكمل خلقاً. الخامس: "عن نافع عن عبدالله بن عمر أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رأي حلة سيراء عند باب المسجد فقال يا رسول لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك فقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة ثم جاءت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - منها حلل فأعطي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - منها حلة فقال عمر: يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - إني لم أكسكها لتلبسها فكساها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أخا له بمكة مشركا" فهذا الحديث يثبت أن هناك نوعاً من الصلة الانسانية بين البشر رغم اختلاف الديانة فهذا عمر وبعلم رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يهدي مشركاً ثوباً ولا ينكر عليه الرسول - صلي الله عليه وسلم -. وأباح الفقهاء للمسلم ان يوصي بماله أو بجزء من ماله لأهل الذمة ولم يروا في ذلك حرجاً. وتصح الوصية للذمي باتفاق أهل العلم لا نعلم في ذلك خلافاً. ولأن الصدقة عليه جائزة فجازت الوصية.. ومن الشواهد التاريخية الدالة علي حسن فهم للإسلام وحسن عرضه ان صلاح الدين الأيوبي كان يبر المقاتلة من الصليبيين حتي كان مضرب المثل في المروءة وعلو الهمة فكان يداوي مرضاهم ويواسي جراحهم. قال أئمة العلماء: وتصح وصية المسلم للذمي. والذمي للمسلم والذمي للذمي. روي اجازة المسلم للذمي عن شريح والشعبي والثوري والشافعي - رضي الله عنه - واسحاق وأصحاب الرأي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم وقال محمد بن الحنفية وعطاء وقتادة في قوله تعالي -: "إلا أن تفعلوا إلي أوليائكم معروفاً" هو وصية المسلم لليهودي والنصراني.. ولا يغيب عن البال أن التهنئة والتعزية لغير المسلمين من قبيل "العادات" وليست العقائد ولا العبادات فلا حرج.