أكد علماء الإسلام ان هدم الأضرحة.. يعد خروجاً علي الدين والانسانية.. قال العلماء: ان الرسول صلي الله عليه وسلم مكث في مكة 13 عاماً.. لم يقترب من أصنام المشركين. استنكر علماء الإسلام استغلال بعض التيارات المتشددة للانفلات الأمني لارتكاب العديد من الممارسات والسلوكيات الخاطئة التي لا يقرها الإسلام. أوضح العلماء ان الصحابة والتابعين عرفوا مكانة مصر فاختاروها داراً لهم ومقراً لإقامتهم حال حياتهم ومثوي لهم بعد مماتهم. رفض الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية بشدة ما تعرضت له بعض الأضرحة وأولياء الله الصالحين من إساءة.. مؤكداً أن هذا الفعل خروج عن صحيح الدين والإسلام والإنسانية وأن الفاعل ظن بالخطأ معني الحديث الشريف ورفض بشدة الهراء الذي صرح به أحدهم من المتشددين من رغبته لهدم ضريح الإمام الحسين رضي الله عنه. وصف المفتي من يفعل ما لم يفعله الرسول في الأصنام في قبور أهل البيت الكرام أو أولياء الله الصالحين والعلماء المتقين المشهود لهم بأنه كمن أصيب بعمي القلوب وسوء الفهم وكمن أسهم في تشويه الإسلام وإذكاء الدعوات إلي الغلو والتطرف. دعا د. جمعة جميع أبناء الوطن العزيز إلي التكاتف والتعاضد والتوحد خلف إمام المسلمين شيخ الأزهر ومن خلفه من العلماء الواقفين معه ضد أي دعوات للخروج عن صوت الإسلام الصحيح الوسطي المعتدل. وصف المفتي من يتفوه بتلك الكلمات بالأغر المسكين الذي يجهل مبادئ وصحيح الدين والسنة المشرفة مطالباً بأن يغلق الباب علي نفسه مشيراً إلي أن النبي صلي الله عليه وسلم عاش 13 عاماً في مكةالمكرمة ولم يقترب أبداً من أصنام المشركين التي كانت بالمئات. قال المفتي ان النبي صلي الله عليه وسلم الذي جاء بالرحمة المهداة والدين القويم دعا إلي عدم الاختلاف أو الانقسام وأرشد الأمة الإسلامية إلي انه في حالةحدوث خلاف في أي أمر بين المسلمون الالتزام برأي الأغلبية وتوجه السواد الأعظم وأنه من شذ عن الجماعة في النار وأن من رآه المسلمين حسنا واجتمعوا عليه فهو حسن عند الله. ممارسات خاطئة استنكر د. عبدالله الحسيني وزير الأوقاف استغلال بعض التيارات المتشددة للانفلات الأمني لارتكاب الكثير من الممارسات والسلوكيات الخاطئة التي لا يقرها الإسلام مثل الاعتداء علي منابر المساجد وهدم الأضرحة وقبور أولياء الله. أكد د. الحسيني أن الاعتداء علي المنابر أو الأضرحة أصبح خطاً أحمر لا يجوز الاقتراب منه ولن تسمح به الدولة ولن تتهاون في ردع المسيئين والمتطاولين علي أولياء الله وجرح مشاعر المصريين المعروف أنهم أكثر شعوب الأرض حباً لآل البيت واقتراباً من أولياء الله. ولقد عرف الصحابة والتابعون والأولياء الصالحون مكانة مصر فاختاروها داراً لهم ومقراً لإقامتهم حال حياتهم ومثوي لهم بعد مماتهم. فعاشوا علي ترابها وتحت سمائها وآثروا ان تدفن أجسادهم بعد موتهم تحت ترابها وخاصة أهل البيت الكرام فأحبهم أهل مصر في حياتهم وبعد مماتهم فأكرموهم أحياء وزاروا قبورهم أمواتاً. أكد د. الحسيني أن القانون المصري يجرم في المادة رقم 160 من قانون العقوبات هدم الأضرحة ويحكم بالحبس والغرامة لكل من ينتهك حرمة القبور أو الجبانات وخاصة إذا ارتكبت أي من هذه الجرائم المنصوص عليها لغرض إرهابي. قال الوزير ان الأوقاف من جانبها وقفت ضد هؤلاء وفضحت مكرهم وكشفت أمرهم ونظمت لقاء موسعا مع مجموعة من أئمتها المميزين لتبصيرهم بخطورة هذه التصرفات وتنبيههم علي ضرورة التصدي لأصحابها بالفكر والحجة والبرهان وهي في الوقت نفسه تؤكد بأن الدفاع عن أهل البيت والأولياء والصالحين من أوجب الواجبات التي فرضها الإسلام. يناشد د. الحسيني القوات المسلحة ورجال الشرطة الأوفياء الشرفاء بالضرب بيد من حديد علي أيدي الموتورين من أصحاب هذا الفكر الخاطيء حتي لا تسيء إلي وجه إسلامنا الحنيف وسمعة بلادنا الحبيبة. جريمة وفتنة هذا في حين وصف الدكتور عبدالمعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية عملية هدم الأضرحة بالجريمة. متهماً من قاموا بهذه العملية بالجمود الفكري والجهل الفقهي وعدم دراسة الأشياء في سياقها الصحيح. قال بيومي: "إن من قاموا بهدم الأضرحة ليسوا سلفيين فهم أدعياء السلف والسلف الصالح منهم بريء". مشيراً إلي ان السلف الصالح لم يكونوا بهذا المستوي من الجمود. أضاف: "هناك أحاديث مروية عن الرسول صلي الله عليه وسلم تؤكد علي انه لا يجوز ارتفاع المدفن عن الأرض إلا ان ذلك في الفروع وليس في الأصول". مشيراً إلي انه عندما يتعلق بالأصول فإن صفة الشرك بالله تنتفي عمن يقومون بالصلاة في هذه المساجد لأنهم لم يتخذوا أصحاب هذه الأضرحة أولياء من دون الله. وأوضح بيومي انه عندما قام الشيخ محمد بن عبدالوهاب بهدم الأضرحة في السعودية كان ذلك بسبب تحول أصحابها إلي الأولياء من دون الله. مشيراً إلي ان العلة تنتفي مع انتقاء السبب فطالما لم يتخذ الناس من أصحاب هذه الأضرحة أولياء من دون الله فلا داعي لهدمها. وحذر عضو مجمع البحوث الإسلامية من أن هذه التصرفات ستفتح الباب للفتنة بين هذه الفئة التي تصف نفسها بالسلفيين من جانب والصوفيين من جانب آخر. مشيراً إلي ان ذلك كارثة ومستدلا بقول الله تعالي: " والفتنة أشد من القتل". واختتم بيومي حواره بالتأكيد علي ضرورة تحكيم العقل لاقناع تلك الفئة التي تنسب نفسها إلي السلف الصالح بالعدول عن أفكارها التي من شأنها تعريض البلاد إلي مخاطر الفتنة. مشدداً علي ضرورة تحكيم القانون ومعاقبة من يقوم بهذا العمل. أضاف: "ان الرسول صلي الله عليه وسلم حرم نبش القبور وأكد أن من يكسرون عظم الموتي فكأنهم كسروا عظمه حيا وهو ما يتطابق مع ما تقوم به هذه الفئة من هدم للأضرحة فهي تتعدي علي حرمة الموتي". يقول د. حمدي طه عضو نقابة الأشراف والأستاذ بجامعة الأزهر: ان هذه الدعوات التي تخرج علينا في هذا الوقت بالذات إنما وراءها ما يسمي بالقائمين بالثورة المضادة وتنمو عن جهل بعادات وتقاليد الشعب المصري المحب لآل بيت رسول الله والعاشق لأولياء الله ولقد قال الشافعية بجواز إقامة القبور أو المعالم علي قبور العلماء والصالحين وفي إقامة هذه القبور علي الصالحين إنما هي تذكرة بسيرة هؤلاء. والسؤال الذي نوجهه إليهم هل يجوز لهم ان يهدموا قبة وقبر رسول الله.. وإذا كانت هذه الدعوة الوهابية فلماذا لم تقدم علي مثل ذلك عند رسول الله؟!. ينصح د. طه هؤلاء بأن يتجهوا إلي ان يتفقهوا في دين الله وان تكون الوسطية هي منهاجهم في الدعوة وكفانا تشددا الذي جلب علي الإسلام ما هو بريء منه.. إنما يجب علي الإنسان ان يتجه إلي عمارة الكون لا إلي خرابه فإنهم لم يتجهوا فقط إلي هدم القباب وإنما اتجهوا كذلك إلي طمس الحضارة المصرية بما فيها الآثار الفرعونية كلها ونسوا بأن الله سبحانه وتعالي حفظ تلك الآثار إلي الآن لأن الدين الإسلامي هوالدين الوحيد الذي دعا إلي السياحة والنظر فيما كان عليه السابقون "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم"ودعا الناس إلي السياحة أيضاً في قوله تعالي "ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد. وفرعون ذي الأوتاد".. فالله يأمر الناس في هذه الآيات بأن ينظروا في آثار السابقين ليعتبروا بأنه هو الباقي الواحد فكيف لنا في هذا الوقت بالذات أن نهدم ما أمرنا الله بأن نذهب لننظر فيه؟ أدعياء السلفية من جانبه أكد عبدالهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية ان من يهدم الأضرحة ليس من السلفيين الحقيقيين ولكنه من أدعياء السلفية.. مشيراً إلي ان مثل هذه الأعمال تفسد مناخ الثورة من التآخي والوحدة والاصلاح. أضاف الشيخ القصبي أنه لابد من تحكيم العقل لاقناع تلك الفئة التي تنسب نفسها إلي السلف الصالح بالعدول عن أفكارها التي من شأنها تعريض البلاد إلي مخاطر الفتنة. يتساءل الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الأوقاف الأسبق: علي أي أساس بني هؤلاء مذهبهم.. نحن إن قمنا بهدم الأضرحة سنخلق اضطرابات داخلية قد تؤدي إلي فتنة هوجاء لاندري متي تنتهي وتكون أخطر علينا من الشيوعية والملاحدة فالأضرحة التي قامت ما دامت في حجرة مغلقة كضريح السيدة زينب أو السيدة نفيسة أو السيد البدوي أو سيدي إبراهيم الدسوقي وغير ذلك من أولياء الله الذين بنيت مساجد بجوار أضرحتهم هذا أمر ليس فيه شيء لأن الله حينما حدثنا عن أهل الكهف قال لنا "قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً". فالإسلام أشار إلي بناء المساجد علي الأضرحة وليس في ذلك شيء يخل بالعقيدة إنما الذي يخل بالعقيدة هو ان نعتقد في هؤلاء انهم يفعلون ولا يفعلون ويغيرون ما في الكون من أسباب وهذا لم يقل به أحد من العقلاء فإن كان هناك شك من بعض الناس في ان اخواننا الأميين يتوسلون بهم أو يستجيرون بهم فمهمتنا كعلماء نفهم في الدين ونفهم في الإسلام أن نشرح لهم ما هو التوسل وكيف نتوسل وبمن إلي غير ذلك من الأمور التي يجب ان يتولاها العلماء بالشرح والتفصيل. أما حجتهم في قول الرسول عليه الصلاة والسلام "لا تتخذوا قبري بعدي وثنا يعبد" فعلي طول التاريخ من 1400 سنة وازيد لم نسمع ان مسلماً ألَّه النبي محمدا صلي الله عليه وسلم أو اعترف به كرب فنحن نؤمن بأن سيدنا محمدا عبدالله ورسوله تلقي الوحي من ربه وبلغنا إياه وصحح لنا المفاهيم فنحن نحبه ونحترمه ونؤازره ونناصره أما كوننا نعبده فلم نسمع بذلك علي مدار التاريخ فإذا ما جاء بعض الناس الآن يهدمون المقابر كان الأولي بهم قبل هدمها إدارة حوار مع العلماء لنتبين الأمر ونستوضح الأمور ولا نثير فتنة نائمة لعن الله من أيقظها.. وهم يحتجون كذلك بقول الرسول: لا تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد.. مسجدي هذا.. والمسجد الحرام بمكة والمسجد الأقصي بفلسطين فقد أجمع المسلمون علي انه لا تشد الرحال لعبادة خاصة أو شعائر معينة محددة لا تمارس في أي مسجد فمن فعل غير ذلك فهو آثم قلبه لأن الرسول حدد المفاهيم بأن الرحال لا تشد لاداء مناسك معينة كالطواف والسعي والروضة الشريفة بالمدينة وزيارة المواقع الأثرية وكذلك فلسطين زيارة الأماكن المباركة ومحراب السيدة مريم وغير ذلك من الأماكن فهذه شعائر لا تؤدي إلا في هذه الأماكن فمن ذهب إلي قبر السيد البدوي مثلا ليطوف حول الضريح أو يسعي بين ضريحين فهذا حرام بلا شك أما كوني أزور الضريح وقراءة الفاتحة والدعاء لمن في القبر ثم أخرج فهذا لا شيء فيه فإن صليت ركعتين في المسجد الملحق بالضريح فهذا أمر لا شيء فيه.