تركت الولاياتالمتحدة الأزمة الليبية إلي حلف الناتو لينفذ ما يراه من عمليات عسكرية مناسبة لحماية المدنيين واتجهت واشنطون إلي طريق التهدئة مع عبدالله صالح في اليمن ومع بشار الأسد في سورية في إشارة واضحة لحاجة إدارة الرئيس باراك أوباما إلي إعادة ترتيب الأوراق وانتظار نتائج ثورة ال 25 من يناير في مصر ويبدو أن أمريكا الدولة الأعظم في العالم لم تكن علي استعداد للتعامل مع كل هذه الثورات في وقت واحد ويبدو ان الثوار في العالم العربي اخذوا واشنطون لأول مرة علي اراضيتهم هم ولم يتركوها تسحبهم كعادتها في صنع الأحداث في العالم أجمع. أمريكا تري علي لسان مسئوليها ان الضغط علي عبدالله صالح في اليمن قد يكون ضد مصالحها في المنطقة وان تخلي صالح عن السلطة تحت ضربات قبضة الثوار قد يخلق فراغاً يستغله تنظيم ما يعرف بالقاعدة في الجزيرة العربية.. أما الوضع في سورية فهو لا يختلف كثيرا عما يحدث في اليمن. فالادارة الامريكية تحث بشار الاسد علي إجراء المزيد من الاصلاحات حتي لا يتطور الأمر بالمطالبة لاسقاط النظام وهو ما لا ترغب فيه واشنطن ولعدة اسباب أهمها أن النظام السوري "مؤدلج" أي يقوم علي ايدلوجية حزب البعث العربي الاشتراكي وان سقوط مثل هذا النظام قد يلحق بها الكثير من الضرر.. سوريا غير تونس بالفعل وغير مصر.. فالحزب الحاكم في تونس الحزب الدستوري لم يكن حزبا بالمعني السياسي. كان شلة من الاصدقاء واقارب زين العابدين بن علي وزوجته ليلي الطرابلسي والحزب الوطني الذي كان حاكما في مصر مجموعة من المنتفعين الباحثين عن السلطة والمال حلاله وحرامه. وانهيار هذين النظامين لن يمثل مشكلة في الوقت القريب أو البعيد علي السياسات الامريكية في المنطقة.. حيث سيحاول اعضاء تلك الاحزاب سواء في مصر أو تونس البحث عن احزاب أخري لينضموا إليها أو يفضل بعضهم الاختباء بقية العمر. فلا ايدلوجية تجمعهم أو مباديء توحدهم وهو ما يختلف تماما مع الوضع السوري والذي سيظل اعضاء النظام حتي لو سقط يؤمنون بنفس الافكار ويحدث في سورية ماحدث في العراق بعد سقوط العراق. أمريكا تعيد ترتيب أوراقها ولا تجد أفضل من طريق التهدئة سبيلا وإلي حين.