منذ زمن ليس ببعيد كانت مصر منارة العالم في المنطقة وكانت المدارس والجامعات المصرية مفخرة بين المدارس والجامعات علي مستوي العالم العربي. وكنا نفخر بأن لدينا وزارة تعني بالتربية والتعليم معاً. ولكن ما لبث أن فقدنا هذا تدريجياً عندما بدأ التفكير في تغيير اسم الوزارة في العهد السابق ليشتمل علي التعليم فقط. وذلك علي أساس أن التربية مصدرها الوحيد هو البيت من وجهة نظر المسئولين في هذا الوقت. ومنذ ذلك الحين ومستوي التعليم في مدارسنا ينحدر بشكل سريع وخطير في نفس الوقت حتي وصلنا إلي ما نحن عليه الآن من تردي أوضاع التعليم في مصر. ** وقد كشف تقرير لجمعية نهوض وتنمية المرأة عن أن أسوأ مظاهر هذا التردي ما تتعرض له الفتاة بالمدارس من عنف وانتهاكات بشكل شبه يومي. وذلك دون أي محاسبة فصار أمراً عادياً أن تتعرض بناتنا للتعنيف والضرب والتحرش نهاراً جهاراً وتكون أقصي عقوبة توجه للجناة هو التحقيق معهم ثم سرعان ما ينتهي هذا التحقيق إلي الحفظ أو توقيع عقوبة هزيلة. أشار تقرير "نهوض المرأة" إلي أنه خلال شهر واحد فقط من عام 2012 شهدت مدارسنا 48 حالة تحرش بالطالبات في 5 محافظات. بالإضافة إلي ثلاث حالات هتك عرض لطالبات ابتدائي وحالتي تمييز ديني وعرقي. وكان من مظاهر العنف ضد الفتيات في المدارس قيام مديرة مدرسة أبي بكر الإعدادية بحرمان الطالبة "هبة الله" الأولي علي منطقة العامرية بالإسكندرية من التكريم والتصوير لأنها غير محجبة. كما قامت مديرة مدرسة السيدة زينب الثانوية بالقاهرة بإبعاد الطالبة "سالي" من فريق الإذاعة المدرسية لأنها انتقدت النظام الحالي. كما تعرضت طالبة في الصف الثاني الابتدائي بمدرسة الوفاق بمنطقة أبويوسف بالعجمي للضرب علي يد أحد المدرسين عقاباً لها علي عدم ارتدائها الحجاب. وهناك حالات كثيرة من هذا النوع من الانتهاكات بل إن العنف في المدارس ليس قاصراً علي الفتيات فقط باعتبارهن صغيرات السن وضعيفات كما قد يعتقد البعض. ولكن في بعض الأحيان تتعرض المدرسات للعنف أيضا. ولا شك أن الحجاب فريضة علي كل مسلمة ولكن وزارة التعليم ليست مسئولة عن فرض الحجاب وديننا العظيم يقول "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" بل لقد وصل الأمر كما يقول التقرير إلي أن الوزارة قامت بحذف صورة إحدي رائدات الحركة النسائية في مصر وهي درية شفيق عن منهج التربية الوطنية لأنها لا ترتدي الحجاب. وهو ما يمثل خطورة بالغة علي الطلاب والطالبات في مرحلة مهمة تشكل فيها اتجاهاتهم الفكرية. إن حوادث العنف ضد الفتيات وبعض المدرسات في المدارس لم تعد مجرد حوادث فردية. فالتقرير مليء بحوادث العنف وما خفي كان أعظم كما يقولون. ولذلك فلابد من اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه المهازل ولابد من توقيع أقصي العقوبات علي المدرسين الذين يسلكون منهج العنف في التعامل مع التلاميذ. ومن الأهمية تأهيل وتدريب المعلمين كي يكونوا مؤهلين للتعامل مع التلاميذ وعدم اعتمادهم علي العنف نهائياً. وتطالب بسرعة إصدار قرار وزاري يمنع إجبار الطالبات أو المدرسات علي ارتداء الحجاب وتجريم العنف الجسدي والنفسي للطلبة في المدارس المصرية.